ثم إنه تعالى ذكر أحوال أهل العقاب وأحوال أهل الثواب . أما الأول فهو قوله : { تَرَى الظالمين مُشْفِقِينَ } أي ترى المشركين يوم القيامة خائفين وجَِلِينَ «مِمَّا كَسَبُوا » من السيئات ، { وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ } أي جزاء كسبهم واقع سواء أشفقوا أو لم يشفقوا .
وأم الثاني وهو أحوال أهل الثواب فهو قوله : { والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فِي رَوْضَاتِ الجنات } قال أبو حيان : اللغة الكثيرة تسكين واو «رَوْضَات » ، ولغة هذيل{[49216]} فتح الواو إجراء لها مُجْرَى{[49217]} الصحيح نحو : جَفَنَات{[49218]} . ولم يقرأ أحد فيما علمناه بلغتهم{[49219]} . قال شهاب الدين : إن عنى لم يقرأ أحد بلغتهم في هذا الباب من حيث هو فليس كذلك ؛ لما تقدم في سورة النور أن الأعمش قرأ : «ثَلاَثُ عَوَرَاتٍ » بفتح الواو وإن عَنَى أنه لم يقرأ في روضات بخصوصها فقريب ، لكن ليس هو ظاهر عادته{[49220]} .
اعلم أن روضة الجنة أطيب بقعةٍ{[49221]} فيها ، وفيه تنبيه على أن الفسَّاق من أهل الصلاة كلهم من أهل الجنة ؛ لأنه خص الذين آمنوا وعملوا الصالحات بأنهم في روضات الجنَّات ، وهي البقاع الشَّريفة كالبقاع التي دون تلك الروضات ، لا بد وأن تكون مخصوصة بمن كانوا دون الذين آمنوا وعملوا الصالحات .
ثم قال : { لَهُمْ مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ } وهذا يدل على أن تلك الأشياء حاضرة عنده مهيَّأة{[49222]} . والعندية مجاز و«عِنْدَ رَبِّهِمْ » يجوز أن يكون ظرفاً «لِيَشَاءُونَ » . قاله الحوفي{[49223]} ، أو للاستقرار العامل في «لهم » قال الزمخشري{[49224]} . ثم قال : { ذَلِكَ هُوَ الفضل الكبير } وهذا يدل على أنَّ الجزاء المرتب على العمل إنما حصل بطريق الفضل من الله تعالى لا بطريق الوجوب والاستحقاق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.