فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{تَرَى ٱلظَّـٰلِمِينَ مُشۡفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ وَهُوَ وَاقِعُۢ بِهِمۡۗ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فِي رَوۡضَاتِ ٱلۡجَنَّاتِۖ لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمۡۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِيرُ} (22)

{ تَرَى الظالمين مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ } أي خائفين وجلين مما كسبوا من السيئات ، وذلك الخوف والوجل يوم القيامة { وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ } الضمير راجع إلى ما كسبوا بتقدير مضاف قاله الزجاج ، أي وجزاء ما كسبوا واقع منهم نازل عليهم لا محالة ، أشفقوا أو لم يشفقوا ، والجملة في محل نصب على الحال . ولما ذكر حال الظالمين ذكر حال المؤمنين ، فقال : { والذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات في روضات الجنات } روضات جمع روضة . قال أبو حيان : اللغة الكثيرة تسكين الواو ، ولغة هذيل فتحها ، والروضة : الموضع النزه الكثير الخضرة ، وقد مضى بيان هذا في سورة الروم ، وروضة الجنة : أطيب مساكنها كما أنها في الدنيا لأحسن أمكنتها { لَهُم مَّا يَشَاءونَ عِندَ رَبّهِمْ } من صنوف النعم ، وأنواع المستلذّات ، والعامل في عند ربهم { يشاءون } ، أو العامل في { روضات الجنات } ، وهو الاستقرار ، والإشارة بقوله : { ذلك } إلى ما ذكر للمؤمنين قبله ، وخبره الجملة المذكورة بعده ، وهي { هُوَ الفضل الكبير } أي الذي لا يوصف ، ولا تهتدي العقول إلى معرفة حقيقته .

/خ28