البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{تَرَى ٱلظَّـٰلِمِينَ مُشۡفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ وَهُوَ وَاقِعُۢ بِهِمۡۗ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فِي رَوۡضَاتِ ٱلۡجَنَّاتِۖ لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمۡۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِيرُ} (22)

{ ترى الظالمين } : أي تبصر الكافرين لمقابلته بالمؤمنين ، { مشفقين } : خائفين الخوف الشديد ، { مما كسبوا } من السيآت ، { وهو } : أي العذاب ، أو يعود على ما كسبوا على حذف مضاف : أي وبال كسبوا من السيآت ، أو جزاؤه حال بهم ، { وهو واقع } : فإشفاقهم هو في هذه الحال ، فليسوا كالمؤمنين الذين هم في الدنيا مشفقون من الساعة .

ولما كانت الروضات أحسن ما في الجنات وأنزهها وفي أعلاها ، ذكر أن المؤمنين فيها .

واللغة الكثيرة تسكين الواو في روضات ، ولغة هذيل بن مدركة فتح الواو إجراء للمعتل مجرى الصحيح نحو جفنات ، ولم يقرأ أحد ممن علمناه بلغتهم .

وعند ظرف ، قال الحوفي : معمول ليشاءون .

وقال الزمخشري : منصوب بالظرف لا يشاءون .

انتهى ، وهو الصواب .

ويعني بالظرف : الجار والمجرور ، وهو لهم في الحقيقة غير معمول للعامل في لهم ، والمعنى : ما يشاءون من النعيم والثواب ، مستقر لهم .

{ عند ربهم } : والعندية عندية المكانة والتشريف ، لا عندية المكانة .