تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا فَيُضَٰعِفَهُۥ لَهُۥ وَلَهُۥٓ أَجۡرٞ كَرِيمٞ} (11)

مَن ذا الذي يُقرض اللهَ : من ذا الذي ينفق في سبيل الله .

ثم نَدَبَ إلى الإنفاق بأسلوبٍ رقيق جميلٍ حيثُ جعل المنفِقَ في سبيل الله كالذي يُقْرِض الله ، والله غنيٌّ عن العالمين . فقال :

{ مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ }

هل هناك أجملُ من هذا التعبير ! مَن هذا الذي ينفِق أمواله في سبيل الله محتسباً أجره عند ربه ، فيضاعِف الله له ذلك القَرض ، إذ يجعل له بالحسنة الواحدة سبعمائة ، وفوق ذلك له جزاءٌ كريم عند ربّه ، وضيافةٌ كريمة في جنة المأوى .

قراءات :

قرأ ابن كثير : فيضعّفُه بتشديد العين وضم الفاء . وقرأ ابن عامر مثله : فيضعّفَه بالتشديد ولكن ينصب الفاء . والباقون : فيضاعفَه بالألف ونصب الفاء .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا فَيُضَٰعِفَهُۥ لَهُۥ وَلَهُۥٓ أَجۡرٞ كَرِيمٞ} (11)

ثم حث على النفقة في سبيله ، لأن الجهاد متوقف على النفقة فيه ، وبذل الأموال في التجهز له ، فقال : { مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا } وهي النفقة [ الطيبة ] التي تكون خالصة لوجه الله ، موافقة لمرضاة الله ، من مال حلال طيب ، طيبة به نفسه ، وهذا من كرم الله تعالى [ حيث ] سماه قرضا ، والمال ماله ، والعبد عبده ، ووعد بالمضاعفة عليه أضعافا كثيرة ، وهو الكريم الوهاب ، وتلك المضاعفة محلها وموضعها يوم القيامة ، يوم كل يتبين فقره ، ويحتاج إلى أقل شيء من الجزاء الحسن ، ولذلك قال :

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا فَيُضَٰعِفَهُۥ لَهُۥ وَلَهُۥٓ أَجۡرٞ كَرِيمٞ} (11)

ولما فضل السابقين بالإنفاق ، ووعد {[62437]}بالحسنى اللاحقين{[62438]} بحسن الاتباع ، وأشار إلى{[62439]} أنه ربما ألحقهم ببعضهم بصفاء الإخلاص فتوفرت الدواعي على البذل ، أثمر {[62440]}ذلك قوله{[62441]} مسمياً الصدقة التي{[62442]} صورتها صورة{[62443]} إخراج من غير عوض باسم القرض الذي هو إخراج بعوض ترغيباً فيها لما أعد عليها من الجزاء المحقق فكيف إذا كان مضاعفاً : { من } وأكد بالإشارة بقوله : { ذا } لأجل{[62444]} ما للنفوس من الشح { الذي يقرض الله } أي يعطي{[62445]} الذي له جميع صفات الجلال والإكرام بإعطاء المستحق لأجله عطاء من ماله هو على صورة القرض لرجائه الثواب { قرضاً حسناً } أي طيباً خالصاً فيه متحرياً به أفضل الوجوه طيبة به النفس من غير من ولا كدر بتسويف ونحوه .

ولما كان ما يعطي الله المنفق من الجزاء مسبباً عن إنفاقه ، ربطه بالفاء فقال عطفاً على { يقرض } : { فيضاعفه له } مرغباً فيه بجعله مبالغاً بالتضعيف أولاً وجعله من باب المفاعلة ثانياً ، وكذا التفضيل في قراءة ابن كثير وابن عامر ويعقوب{[62446]} { فيضعفه } وقرأه ابن عامر ويعقوب{[62447]} بالنصب جواباً للاستفهام تأكيداً للربط والتسبيب . ولما كانت المضاعفة{[62448]} منه سبحانه لا يعلم كنهها إلا هو قال : { وله } أي المقرض من بعد ما تعقلونه من المضاعفة زيادة على ذلك { أجر } لا يعلم قدره إلا الله ، وهو معنى وصفه بقوله : { كريم * } أي حسن طيب زاك نام .


[62437]:- من ظ، وفي الأصل: اللاحقين بالحسنى.
[62438]:- من ظ، وفي الأصل: اللاحقين بالحسنى.
[62439]:- من ظ، وفي الأصل: لهم.
[62440]:- من ظ، وفي الأصل: قوله ذلك.
[62441]:- من ظ، وفي الأصل: قوله ذلك.
[62442]:- زيد في الأصل: هي، ولم تكن الزيادة في ظ فحذفناها.
[62443]:- زيد من ظ.
[62444]:- من ظ، وفي الأصل: جل.
[62445]:- زيد في الأصل: الله، ولم تكن الزيادة في ظ فحذفناها. - زيدت الواو في الأصل، ولم تكن في ظ فحذفناها.
[62446]:- راجع نثر المرجان 7/ 206.
[62447]:- زيد من ظ.
[62448]:- تكرر في الأصل.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا فَيُضَٰعِفَهُۥ لَهُۥ وَلَهُۥٓ أَجۡرٞ كَرِيمٞ} (11)

قوله : { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم } المراد بالقرض ههنا الإنفاق في سبيل الله . أو هو بذل المال في وجوه الخير طلبا لمرضاة الله .

وفي الآية تحضيض مؤثر وكريم على إنفاق المال في وجوه الخير كبذله في سبيل الله وإنفاقه على الأهل والأولاد والعيال والأرحام وغيرهم من المحاويج ومن ينفقه يكن له أجر عظيم وهو قوله : { فيضاعفه له } أي يعطيه من الأجر أضعافا مضاعفة { وله أجر كريم } أي وله فوق تلك الأضعاف المضاعفة أجر عظيم وكريم في نفسه وهي الجنة . وقد روي عن ابن مسعود قال : لما نزلت هذه الآية { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له } قال أبو الدحداح الأنصاري : يا رسول الله وإن الله ليريد منا القرض ؟ قال : " نعم يا أبا الدحداح " قال : أرني يدك يا رسول الله . قال : فناوله يده . قال : فإني قد أقرضت ربي حائطي . وله حائط فيه ستمائة نخلة ، وأم الدحداح فيه وعيالها . فجاء أبو الدحداح فناداها : يا أم الدحداح . قالت : لبيك . قال : اخرجي فقد أقرضته ربي عز وجل . وفيه رواية أنها قالت له : ربح بيعك يا أبا الدحداح . ونقلت منه متاعها وصبيانها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كم من عذق رداح في الجنة ودار فياح لأبي الدحداح " {[4458]} .


[4458]:تفسير ابن كثير جـ 4 ص 308 وتفسير النسفي جـ 4 ص 224 وتفسير البيضاوي ص 715.