ثم رغب سبحانه في الصدقة فقال :{ من ذا الذي يقرض الله } أي ينفق ماله في سبيل الله فإنه كمن يقرضه والعرب تقول لكل من فعل فعلا حسنا قد أقرض ، من استفهامية مرفوعة المحل بالابتداء وذا خبرة ، والموصول صفة له ، أو بدل منه ، ويصح أن يكون من ذا مبتدأ ، والموصل خبره ، وهذا منه تعالى في غاية اللطف بنا والإحسان إلينا ، حيث أعطانا الأموال من عنده وجعل رجوعها إليه منا قرضا ، مع أنه المالك الحقيقي ، قال الكلبي : { قرضا } أي صدقة { حسنا } أي محتسبا من قلبه بلا من ولا أذى وقال مقاتل : حسنا طيبة به نفسه .
واستعير لفظ القرض ليدل على التزام الجزاء ، وفيه استعارة تصريحية تبعية حيث شبه الإنفاق بالإقراض ، والجامع إعطاء شيء بعوض ، من حيث إن الله وعد به الجنة تشببها بالقرض ، لأن القرض إخراج المال لاسترداد البدل . وقيل : القرض الحسن هو النفقة على الأهل . قاله زيد ابن اسلم ، وقال الحسن : هو التطوع بالعبادات وقيل : أنه العمل الخير ، والعرب تقول : لي عند فلان قرض صدق وقرض سوء ، والأول أولى .
وقال بعض العلماء : القرض لا يكون حسنا حتى يجمع أوصافا عشرة ، وهي أن يكون المال من الحلال ، وأن يكون من أجود المال ، وأن تتصدق به وأنت محتاج إليه ، وأن تصرف صدقتك إلى الأحوج إليها ، وأن تكتم الصدقة ما أمكنك ، وأن تتبعها بالمن والأذى ، وأن تقصد بها وجه الله ولا ترائي به الناس ، وأن تستحقر ما تعطي وإن كان كثيرا ، وأن يكون من أحب أموالك إليك ، وأن لا ترى عز نفسك وذل الفقير فهذه عشرة خصال إذا اجتمعت في الصدقة كانت قرضا حسنا وقد تقدم تفسير الآية في سورة البقرة .
{ فيضاعف له } أي يعطيه أجره على إنفاقه أضعافا مضاعفة من فضله ، قرأ أهل الكوفة والبصرة بالألف وتخفيف العين ، وقرئ فيضعفه وعلى كل من القراءتين فالفعل إما مرفوع أو منصوب فالقراآت أربعة وكلها سبعية قال ابن عطية : الرفع هنا على العطف أو الاستئناف والنصب بالفاء على جواب الاستفهام ( وله ) مع المضاعفة { أجر كريم } وهو الجنة ، والمضاعفة هنا هي كون الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، على اختلاف الأحوال والأشخاص والأوقات .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.