{ من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم ( 11 ) } .
{ يقرض } يصنع صنيعا نافعا ، ويبذل طيبا يبتغي رضوانا ومثوبة ، والعرب تقول لكل من فعل فعلا حسنا : قد أقرض ؛ مما قال لبيد :
وإذا جوزيت قرضا فاجزه{[6306]} .
وسمى قرضا لأن القرض أخرج لاسترداد البدل .
تفضل من المولى أن يقترض منا وهو الغني الوهاب ؛ أنعم هو مسبغها ، وأموال هو رازقها ، ثم ينادينا لنضعها حيث يرضى وتحسن لنا بها العقبى في الأولى والأخرى ! نبذل مما أوتينا ؛ فيما ينفعنا وغيرنا ، فيشكر الله سعينا ، ويخلف لنا خير من عطائنا : { مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء . . } {[6307]} وفي الآخرة يجزى ببره جزاء لا ينقطع ولا يبيد { . . . وما كان عطاء ربك محظورا }{[6308]} فأين من هذا كل نعيم الدنيا الزائل ؟ !
[ . . . فالكلام إما على التجوز في الفعل فيكون استعارة تبعية تصريحية ، أو التجوز في مجموع الجملة فيكون استعارة تمثيلية وهو الأبلغ ؛ أي : من ذا الذي ينفق ماله في سبيل الله تعالى مخلصا متحريا أكرمه وأفضل الجهات رجاء أن يعوضه سبحانه بدله ، كمن يقرضه { فيضاعفه له } فيعطيه أجره على إنفاقه مضاعفا أضعافا كثيرة من فضله . . ونصب [ يضاعفه ] على جواب الاستفهام بحسب المعنى . . وإنما أورد على هذا الأسلوب للمبالغة في الطلب حتى كأن الفعل لكثرة دواعيه قد وقع ، وإنما يسأل عن فاعله ليجازى . . ]{[6309]} .
ونقل عن بعض العلماء أن القرض الحسن ما يجمع صفات منها : أن يكون من الحلال ، وأن يكون من أكرم ما يملك المنفق ، وأن يكون والمرء صحيح شحيح يأمل العيش ويخشى الفقر ، وأن يضعه في الأحوج الأولى ، وأن يكتم ذلك ، وأن لا يتبعه المن والأذى ، وأن يقصد به وجه الله تعالى .
[ القشيري : والقرض الحسن أن يكون المتصدق صادق النية ، طيب النفس ، يبتغي به وجه الله دون الرياء والسمعة ، وأن يكون من الحلال ؛ ومن القرض الحسن ألا يقصد إلى الرديء فيخرجه ، لقوله تعالى : { . . . ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون }{[6310]} وأن يتصدق في حال يأمل الحياة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن أفضل الصدقة فقال : " أن تعطيه وأنت صحيح شحيح تأمل العيش ولا تمهل حتى إذا بلغت التراقي قلت لفلان كذا ولفلان كذا " ، وأن يخفي صدقته ؛ لقوله تعالى : { وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم . . }{[6311]} وألا يمن ؛ لقوله تعالى : { . . لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى }{[6312]} . . وأن يكون من أحب أمواله ؛ لقوله تعالى : { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون . . . ) {[6313]} }{[6314]} .
فاستجيبوا لربكم وابتغوا بالبر والقربات والمكرمات تجارة لن تبور ، وتأسوا بخاتم النبيين عليه الصلوات والتسليم فقد كان ينفق إنفاق من لا يخشى الفقر ، وكونوا كالذين سبقوا بالإيمان والإحسان وسارعوا إلى طلب المغفرة والرضوان{[6315]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.