تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلۡحَقَّ وَيَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ} (6)

صراط العزيز الحميد : طريق الهدى .

إن الذين منّ الله عليهم بالعلم من أهل الكتاب وغيرهم يعلمون أن القرآن الذي أنزله عليك ربك يا محمد ، هو الحق الذي لا مرية فيه ، وأنه يهدي إلى صراط العزيز الحميد وهو الإسلام ، الدين القويم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلۡحَقَّ وَيَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ} (6)

{ 6 } { وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ }

لما ذكر تعالى إنكار من أنكر البعث ، وأنهم يرون ما أنزل على رسوله ليس بحق ، ذكر حالة الموفقين من العباد ، وهم أهل العلم ، وأنهم يرون ما أنزل اللّه على رسوله من الكتاب ، وما اشتمل عليه من الأخبار ، هو الحق ، أي : الحق منحصر فيه ، وما خالفه وناقضه ، فإنه باطل ، لأنهم وصلوا من العلم إلى درجة اليقين .

ويرون أيضا أنه في أوامره ونواهيه { يَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ } وذلك أنهم جزموا بصدق ما أخبر به من وجوه كثيرة : من جهة علمهم بصدق من أخبر به ، ومن جهة موافقته للأمور الواقعة ، والكتب السابقة ، ومن جهة ما يشاهدون من أخبارها ، التي تقع عيانا ، ومن جهة ما يشاهدون من الآيات العظيمة الدالة عليها في الآفاق وفي أنفسهم ومن جهة موافقتها ، لما دلت عليه أسماؤه تعالى وأوصافه .

ويرون في الأوامر والنواهي ، أنها تهدي إلى الصراط المستقيم ، المتضمن للأمر بكل صفة تزكي النفس ، وتنمي الأجر ، وتفيد العامل وغيره ، كالصدق والإخلاص وبر الوالدين ، وصلة الأرحام ، والإحسان إلى عموم الخلق ، ونحو ذلك . وتنهى عن كل صفة قبيحة ، تدنس النفس ، وتحبط الأجر ، وتوجب الإثم والوزر ، من الشرك ، والزنا ، والربا ، والظلم في الدماء والأموال ، والأعراض .

وهذه منقبة لأهل العلم وفضيلة ، وعلامة لهم ، وأنه كلما كان العبد أعظم علما وتصديقا بأخبار ما جاء به الرسول ، وأعظم معرفة بحكم أوامره ونواهيه ، كان من أهل العلم الذين جعلهم اللّه حجة على ما جاء به الرسول ، احتج اللّه بهم على المكذبين المعاندين ، كما في هذه الآية وغيرها .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلۡحَقَّ وَيَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ} (6)

ولما ذم{[56379]} الكفرة ، وعجب منهم في إنكارهم الساعة في قوله : { وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة } و{[56380]} أقام الدليل على إتيانها{[56381]} ، وبين أنه لا يجوز في الحكمة غيره ليحصل العدل والفضل في جزاء أهل الشر وأولي الفضل ، عطف على ذلك مدح{[56382]} المؤمنين فقال واصفاً{[56383]} لهم بالعلم ، إعلاماً بأن الذي أورث الكفرة التكذيب الجهل : { ويرى الذين } معبراً بالرؤية والمضارع إشارة إلى أنهم في علمهم غير شاكين ، بل هم كالشاهدين لكل ما أخبرهم به الرسول صلى الله عليه وسلم وبالمضارع{[56384]} إلى تجدد علمهم مترقين في رتبه على الدوام مقابلة لجلافة{[56385]} أولئك في ثباتهم على الباطل الذي أشار إليه بالماضي ، وأشار إلى أن علمهم لدني بقوله : { أوتوا العلم } أي قذفه الله في قلوبهم فصاروا مشاهدين لمضامينه لو كشف الغطاء ما ازدادوا يقيناً سواء كانوا ممن أسلم من العرب أو من أهل الكتاب { الذي أنزل إليك } أي كله من أمر الساعة وغيره { من ربك } أي المحسن إليك بإنزاله ، وأتي بضمير الفصل تفخيماً للأمر وتنصيصاً على أن ما بعده مفعول " أوتوا " الثاني فقال{[56386]} : { هو الحق } أي لا غيره من الكلام { ويهدي } أي يجدد على مدى الزمان هداية{[56387]} من اتبعه { إلى صراط } أي طريق واضح واسع .

ولما كانت هذه السورة مكية ، وكان الكفار فيها مستظهرين والمؤمنون قليلين خائفين ، والعرب يذمونهم بمخالفة قومهم ودين آبائهم ونحو ذلك من الخرافات التي حاصلها الاستدلال على الحق المزعوم بالرجال قال : { العزيز الحميد * } أي الذي من سلك طريقه{[56388]} - وهو الإسلام - عز وحمده ربه فحمده كل شيء وإن تمالأ عليه الخلق أجمعون ، فإنه سبحانه لا بد أن يتجلى للفصل بين العباد ، بالإشقاء والإسعاد على قدر الاستعداد .


[56379]:في ظ: ذكر.
[56380]:زيد من ظ وم ومد.
[56381]:من م ومد، وفي الأصل وظ: إثباتها.
[56382]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: مع.
[56383]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: واضعا.
[56384]:زيد من ظ ومد.
[56385]:في ظ ومد: لخلافة، وفي م: جلافة.
[56386]:زيد من ظ ومد.
[56387]:زيد من ظ ومد.
[56388]:في ظ ومد: صرطه.