وذلك لأن الشرك باللّه محبط للأعمال ، مفسد للأحوال ، ولهذا قال : { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ } من جميع الأنبياء . { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } هذا مفرد مضاف ، يعم كل عمل ، . ففي نبوة جميع الأنبياء ، أن الشرك محبط لجميع الأعمال ، كما قال تعالى في سورة الأنعام - لما عدد كثيرا من أنبيائه ورسله قال عنهم : { ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
{ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } دينك وآخرتك ، فبالشرك تحبط الأعمال ، ويستحق العقاب والنكال .
قوله تعالى : " ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت " قيل : إن في الكلام تقديما وتأخيرا . والتقدير : لقد أوحي إليك لئن أشركت وأوحي إلى الذين من قبلك كذلك . وقيل : هو على بابه . قال مقاتل : أي أوحي إليك وإلى الأنبياء قبلك بالتوحيد والتوحيد محذوف . ثم قال : " لئن أشركت " يا محمد : " ليحبطن عملك " وهو خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة . وقيل : الخطاب له والمراد أمته ، إذ قد علم الله أنه لا يشرك ولا يقع منه إشراك . والإحباط الإبطال والفساد . قال القشيري : فمن ارتد لم تنفعه طاعاته السابقة ولكن إحباط الردة العمل مشروط بالوفاة على الكفر ؛ ولهذا قال : " من يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم " [ البقرة : 217 ] فالمطلق ها هنا محمول على المقيد ؛ ولهذا قلنا : من حج ثم ارتد ثم عاد إلى الإسلام لا يجب عليه إعادة الحج .
قلت : هذا مذهب الشافعي . وعند مالك تجب عليه الإعادة وقد مضى في " البقرة " {[13335]} بيان هذا مستوفى .
قوله : { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } ذلك تحذير من الله لرسوله والمؤمنين من الشرك ؛ إذ يبين فيه أنه أوحى إليك يا محمد وإلى الرسل من قبلك : لئن أشركت بالله ليبطُلنّ عملك فلا تدرك به جزاء ولا أجرا { وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } أي لتكونن ممن يبوء بالهلاك والخسران في الآخرة بسبب الإشراك بالله إن أشركت به شيئا . على أن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، والمراد أمته فالله يعلم أن رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم لا يشرك ولا يقع منه إشراك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.