تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{مُّتَّكِـِٔينَ فِيهَا عَلَى ٱلۡأَرَآئِكِۖ لَا يَرَوۡنَ فِيهَا شَمۡسٗا وَلَا زَمۡهَرِيرٗا} (13)

الأرائك : واحدتها أريكة : السرير ، والمقعد الوثير المنجد .

الزمهرير : أشدُّ البرد .

ثم وصف شرابَهم وأوانيه والسقاةَ الذين يطوفون عليهم به ، وما هم فيه من سعادةٍ أبدية فقال :

{ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا على الأرائك لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً } .

يجلسون على أفخرِ الأسرّة والمقاعد متكئين عليها يتحدّثون ويتسامرون ،

لا يجِدون في الجنة حَرّاً ولا بردا .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{مُّتَّكِـِٔينَ فِيهَا عَلَى ٱلۡأَرَآئِكِۖ لَا يَرَوۡنَ فِيهَا شَمۡسٗا وَلَا زَمۡهَرِيرٗا} (13)

{ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ } الاتكاء : التمكن من الجلوس ، في حال الرفاهية والطمأنينة [ الراحة ] ، والأرائك هي السرر التي عليها اللباس المزين ، { لَا يَرَوْنَ فِيهَا } أي : في الجنة { شَمْسًا } يضرهم حرها { وَلَا زَمْهَرِيرًا } أي : بردا شديدا ، بل جميع أوقاتهم في ظل ظليل ، لا حر ولا برد ، بحيث تلتذ به الأجساد ، ولا تتألم من حر ولا برد .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{مُّتَّكِـِٔينَ فِيهَا عَلَى ٱلۡأَرَآئِكِۖ لَا يَرَوۡنَ فِيهَا شَمۡسٗا وَلَا زَمۡهَرِيرٗا} (13)

{ متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا } حرا ولا بردا صيفا ولا شتاء

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{مُّتَّكِـِٔينَ فِيهَا عَلَى ٱلۡأَرَآئِكِۖ لَا يَرَوۡنَ فِيهَا شَمۡسٗا وَلَا زَمۡهَرِيرٗا} (13)

قوله تعالى : " متكئين فيها " أي في الجنة ، ونصب " متكئين " على الحال من الهاء والميم في " جزاهم " والعامل فيها جزى ولا يعمل فيها " صبروا " ؛ لأن الصبر إنما كان في الدنيا والاتكاء في الآخرة . وقال الفراء . وإن شئت جعلت " متكئين " تابعا ، كأنه قال جزاهم جنة " متكئين فيها " . " على الأرائك " السرر في الحجال وقد تقدم{[15679]} . وجاءت عن العرب أسماء تحتوي على صفات : أحدها الأريكة لا تكون إلا في حجلة على سرير ، ومنها السجل ، وهو الدلو الممتلئ ماء ، فإذا صفرت لم تسم سجلا ، وكذلك الذنوب لا تسمى ذنوبا حتى تملأ ، والكأس لا تسمى ، كأسا حتى تترع من الخمر . وكذلك الطبق الذي تهدى عليه الهدية مِهْدَى ، فإذا كان فارغا قيل طبق أو خوان ، قال ذو الرمة :

خُدُودٌ جَفَتْ في السَّيْرِ حتَّى كأنما *** يُبَاشِرْنَ بالمَعْزَاءِ مَسَّ الأرائك{[15680]}

أي الفرش على السرر . " لا يرون فيها شمسا " أي لا يرون في الجنة شدة حر كحر الشمس " ولا زمهريرا " أي ولا بردا مفرطا . قال الأعشى :

مُنَعَّمَةٌ طَفْلَةٌ كالمَهَاةِ *** لم ترَ شمساً ولا زَمهريرا{[15681]}

وعن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اشتكت النار إلى ربها عز وجل قالت : يا رب أكل بعضي بعضا ، فجعل لها نفسين نفسا في الشتاء ونفسا في الصيف ، فشدة ما تجدون من البرد من زمهريرها ، وشدة ما تجدون من الحر في الصيف من سمومها ) . وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن هواء الجنة سجسج : لا حر ولا برد ) والسجسج : الظل الممتد كما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس . وقال مرة الهمداني : الزمهرير البرد القاطع . وقال مقاتل بن حيان : هو شيء مثل رؤوس الإبر ينزل من السماء في غاية البرد . وقال ابن مسعود : هو لون من العذاب ، وهو البرد الشديد ، حتى إن أهل النار إذا ألقوا فيه سألوا الله أن يعذبهم بالنار ألف سنة أهون عليهم من عذاب الزمهرير يوما واحدا . قال أبو النجم :

أو كنتُ ريحاً كنتُ زمهريرا

وقال ثعلب : الزمهرير : القمر بلغة طيي . قال شاعرهم :

وليلةٍ ظلامُهَا قد اعْتَكَرْ *** قَطَعْتُهَا والزمهريرُ ما زَهَرْ

ويروى : ما ظهر ، أي لم يطلع القمر . فالمعنى لا يرون فيها شمسا كشمس الدنيا ولا قمرا كقمر الدنيا ، أي إنهم في ضياء مستديم ، لا ليل فيه ولا نهار ؛ لأن ضوء النهار بالشمس ، وضوء الليل بالقمر . وقد مضى هذا المعنى مجودا في سورة " مريم " {[15682]} عند قوله تعالى : " ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا " [ مريم : 62 ] . وقال ابن عباس : بينما أهل الجنة في الجنة إذ رأوا نورا ظنوه شمسا قد أشرقت بذلك النور الجنة ، فيقولون : قال ربنا : " لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا " فما هذا النور ؟ فيقول لهم رضوان : ليست هذه شمس ولا قمر ، ولكن هذه فاطمة وعلي ضحكا ، فأشرقت الجنان من نور ضحكهما ، وفيهما أنزل الله تعالى : " هل أتى على الإنسان " وأنشد :

أنا مَوْلىً لفتَى *** أُنْزِلَ فيهِ هلْ أتَى

ذاك عليٌّ المرتَضَى *** وابن عم المصطفَى


[15679]:راجع جـ 10 ص 398.
[15680]:المعزاء: الأرض الصلبة. يقول: من شدة الحاجة إلى النوم يرون الأرض الصلبة ذات الحجارة مثل الفرش على الأرائك وهي السرر. ويروى: "خدودا" على أنه مفعول لفعل في البيت قبله.
[15681]:الذي في ديوان الأعشى طبع أوربا. مبتلة الخلق مثل المهاة ... الخ.
[15682]:راجع جـ 11 ص 127.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{مُّتَّكِـِٔينَ فِيهَا عَلَى ٱلۡأَرَآئِكِۖ لَا يَرَوۡنَ فِيهَا شَمۡسٗا وَلَا زَمۡهَرِيرٗا} (13)

قوله تعالى : { متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا 13 ودانية عليهم ظلالها وذلّلت قطوفها تذليلا 14 ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا 15 قواريرا من فضة قدروها تقديرا 16 ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا 17 عينا فيها تسمى سلسبيلا 18 ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا 19 وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا 20 عليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا 21 إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا } .

ذلك إخبار من الله عن أهل الجنة وما يرتعون فيه من النعيم والطيبات مما لا يخطر على بال أو خيال . ولا يجد المرء من الكلمات البينات ما يكشف عن أنعم الجنة وطيباتها كالقرآن في آياته العجاب وكلماته المذهلة العذاب . وذلكم هو قوله : { متكئين فيها على الأرائك } متكئين منصوب على الحال من الهاء والميم في قوله : { وجزاهم } {[4711]} وذلك من الاتكاء وهو الجلوس أو الاضطجاع على الأرائك ، ومفرده أريكة وهي السرير { لايرون فيها شمسا ولا زمهريرا } ليس في الجنة حر شديد كحر الدنيا بشمسها الحارقة { ولا زمهريرا } وهو البرد المفرط ، بل إن هواء الجنة معتدل ظليل . وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن هواء الجنة سجسج : لا حر ولا برد " والسجسج ، الظل الممتد كما بين طلوع القمر وطلوع الشمس .


[4711]:البيان لابن الأنباري جـ 2 ص 482.