تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ لَهُۥ مِنۡ عِبَادِهِۦ جُزۡءًاۚ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَكَفُورٞ مُّبِينٌ} (15)

جزءا : ولداً ، إذ قالوا الملائكة بنات الله .

مبين : ظاهر واضح .

بعد أن بيّن الله أنهم يعترفون بالألوهية وأن الله هو خالق هذا الكون ، ذكر هنا أنهم متناقضون مكابرون ، فهم مع اعترافهم لله بخلْق السموات والأرض قد جعلوا بعضَ خلقه ولدا ظنوه جزءا منه . وهذا كفرٌ عظيم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ لَهُۥ مِنۡ عِبَادِهِۦ جُزۡءًاۚ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَكَفُورٞ مُّبِينٌ} (15)

{ 15 -25 } { وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ }

يخبر تعالى عن شناعة قول المشركين ، الذين جعلوا للّه تعالى ولدا ، وهو الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، ولم يكن له كفوا أحد ، وإن ذلك باطل من عدة أوجه :

منها : أن الخلق كلهم عباده ، والعبودية تنافي الولادة .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ لَهُۥ مِنۡ عِبَادِهِۦ جُزۡءًاۚ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَكَفُورٞ مُّبِينٌ} (15)

{ وجعلوا له من عباده جزءا } أي الذين جعلوا الملاكة بنات الله

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ لَهُۥ مِنۡ عِبَادِهِۦ جُزۡءًاۚ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَكَفُورٞ مُّبِينٌ} (15)

قوله تعالى : " وجعلوا له من عباده جزءا " أي عدلا ، عن قتادة . يعني ما عبد من دون الله عز وجل . الزجاج والمبرد : الجزء ها هنا البنات ، عجب المؤمنين من جهلهم إذا أقروا بأن خالق السموات والأرض هو الله ثم جعلوا له شريكا أو ولدا ، ولم يعلموا أن من قدر على خلق السموات والأرض لا يحتاج إلى شيء يعتضد به أو : يستأنس به ؛ لأن هذا من صفات النقص . قال الماوردي : والجزء عند أهل العربية البنات ، يقال : قد أجزأت المرأة إذا ولدت البنات ، قال الشاعر :

إن أجزأَتِ المرأةُ يومًا فلا عَجَبٌ *** قد تُجْزِئُ الحُرَّةُ المذكارَ أحْيَانَا

الزمخشري : ومن بدع التفاسير تفسير الجزء بالإناث ، وادعاء أن الجزء في لغة العرب اسم للإناث ، وما هو إلا كذب على العرب ووضع مستحدث متحول ، ولم يقنعهم ذلك حتى اشتقوا منه : أجزأت المرأة ، ثم صنعوا بيتا ، وبيتا :

إن أجزأت حُرَّةٌ يوما فلا عَجَبٌ

زُوِّجْتُهَا من بناتِ الأوس مُجْزِئَة{[13598]}

وإنما قوله : " وجعلوا له من عباده جزاء " متصل بقوله : " ولئن سألتهم " أي ولئن سألتهم عن خالق السموات والأرض ليعترفن به ، وقد جعلوا له مع ذلك الاعتراف من عباده جزءا فوصفوه بصفات المخلوقين . ومعنى " من عباده جزءا " أن قالوا الملائكة بنات الله ، فجعلوهم جزءا له وبعضا ، كما يكون الولد بضعة من والده وجزءا له . وقرئ " جزؤا " بضمتين . " إن الإنسان " يعني الكافر . " لكفور مبين " قال الحسن : يعد المصائب وينسى النعم . " مبين " مظهر الكفر .


[13598]:وتمامه كما في اللسان مادة جزأ: * للعوسج اللدن في أبياتها زجل*
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ لَهُۥ مِنۡ عِبَادِهِۦ جُزۡءًاۚ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَكَفُورٞ مُّبِينٌ} (15)

ولما علم بهذا الاعتراف منه وما تبعه من التقريب أن العالم كله متزاوج بتسخير بعضه لبعض ، فثبت أن خالقه مباين له لا يصح أصلاً أن يكون محتاجاً بوجه لأنه لا مثل له أصلاً ، كان موضع التعجيب من نسبتهم الولد إليه سبحانه : فقال لافتاً القول عن خطابهم للإعراض المؤذن بالغضب : { وجعلوا } أي ولئن سألتهم ليقولن كذا اللازم منه قطعاً لأنه لا مثل { له } والحال أنهم نسبوا له وصيروا بقولهم قبل سؤالك إياهم نسبة هم حاكمون بها حكماً لا يتمارون فيه كأنهم متمكنون من ذلك تمكن الجاعل فيه يجعله { من عباده } الذين أبدعهم كما أبدع غيرهم { جزءاً } أي ولداً هو لحصرهم إياه في الأنثى أحد قسمي الأولاد ، وكل ولد فهو جزء من والده ، ومن كان له جزء كان محتاجاً فلم يكن إلهاً وذلك لقولهم : الملائكة بنات الله ، فثبت بذلك طيش عقولهم وسخافة آرائهم .

ولما كان هذا في غاية الغلظة من الكفر ، قال مؤكداً لإنكارهم أن يكون عندهم كفر : { إن الإنسان } أي هذا النوع الذي هم بعضه { لكفور مبين } أي مبين الكفر في نفسه مناد عليها بالكفر بياناً لذلك لكل أحد هذا ما يقتضيه طبعه بما هو عليه من النقص بالشهوات والحظوظ ليبين فضل من حفظه الله بالعقل على من سواه من جميع المخلوقات بمجاهدته لعدو وهو بين جنبيه مع ظهور قدرة الله الباهرة بذلك .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ لَهُۥ مِنۡ عِبَادِهِۦ جُزۡءًاۚ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَكَفُورٞ مُّبِينٌ} (15)

قوله تعالى : { وجعلوا له من عباده جزءا إنّ الإنسان لكفور مبين 15 أم اتّخذ ممّا يخلق بنات وأصفاكم بالبنين 16 وإذا بشّر أحدهم بما ضرب للرّحمان مثلا ظلّ وجهه مسودّا وهو كظيم 17 أومن ينشّؤا في الحلية وهو في الخصام غير مبين 18 وجعلوا الملائكة الذين هم عند الرحمان إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسئلون 19 وقالوا لو شاء الرّحمان ما عبدناهم مّا لهم بذلك من علم إن هم إلاّ يخرصون } .

ذلك تنديد شديد بالمشركين السفهاء الذين اتخذوا مع الله آلهة من عباده كالملائكة وزعموا أنها بنات الله . وهو قوله سبحانه : { وجعلوا له من عباده جزءا } والمراد بالجزء الولد ، فقد أثبت المشركون الولد لله . وبيان ذلك : أو ولد الرجل جزء منه . وفي الخبر : " فاطمة بضعة مني " فالولد ينفصل عن الوالد فهو جزء من أجزائه . فيكون المعنى : أنهم أثبتوا أو حكموا أن لله جزءا وذلك الجزء هو عبد من عباده وقصدوا به البنات . وهذا الزعم الفاسد الذي يهذي به الجاهليون السفهاء متصل بقوله : { ولئن سألتهم مّن خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم } أي لئن سألت هؤلاء المشركين عمن خلق السموات والأرض ليعترفن بأنه الله ، فهم يقرون بأن الله الخالق . ومع ذلك جعلوا له جزءا ، أي ولدا أو شريكا لله أفلا يعلمون أن خالق السماوات والأرض غير محتاج لشيء يتقوّى به أو يستأنس به ؟ لأن هذا من صفات النقص والله منزه عن صفات النقص .

قوله : { إنّ الإنسان لكفور } المراد بالإنسان ههنا المشرك الموغل في الضلال والوهم والباطل ، فإنه شديد الجحد لنعم الله التي أنعمها عليه { مّبين } أي ظاهر الكفران لما منّ الله به عليه من النعم .