تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{وَإِذَا نَادَيۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُوٗا وَلَعِبٗاۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ} (58)

ومن استهزائهم بكم : أنكم إذا أذّن مؤذّنكم داعياً إلى الصلاة استهزؤوا بها ، وسخِروا منكم وتضاحكوا أو لعبوا فيها ، وذلك أنهم قوم لا يدركون الفرق بين الهدى والضلال .

الإسلام يأمر بالسماحة وحسن المعاملة لأهل الكتاب عامة وللنصارى خاصة إذا كانوا غير محاربين لنا ، وللمواطنين بيننا ، وأما المعادون لنا ، الذين يساعدون إسرائيل فهم أعداء لا يجوز موالاتهم ، فمن ولاهم فقد عصى الله .

نقم منه كذا : أنكره عليه وعابه بالقول أو الفعل .

بعد النداءات الثلاثة التي مرت { يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ اليهود والنصارى . . . } و { يا أيها الذين آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ . . . } و { يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الذين اتخذوا دِينَكُمْ هُزُواً . . . } يتوجّه الخِطاب إلى الرسول أن يواجه أهلَ الكتاب فيسألهم ماذا ينقمون من المسلمين ؟ قل لهم يا محمد : أنتم يا أهل الكتاب ، هل تعيبون علينا شيئا غير إيماننا الصادق بالله وتوحيدِه ، وإيماننا بما أَنزل الله إلينا وسابقينا من رُسُله ، واعتقادنا الجازم أن أكثركم خارجون عن حظيرة الإيمان الصحيح ؟

روى ابن جرير عن ابن عبّاس قال : أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نفرٌ من اليهود منهم أبو ياسر أخطب ، ورافع بن أبي رافع في جماعة ، فسألوه عمَّن يؤمن به من الرسل فقال : «أومن بالله وما أُنزل إلينا ، وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ، وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيّون من ربهم ، لا نفرّق بين أحدٍ منهم ونحنُ له مسلمون » .