تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِذَا نَادَيۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُوٗا وَلَعِبٗاۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ} (58)

وقوله تعالى : { وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا } يخبر نبيه صلى الله عليه وسلم غاية سفههم بصنيعهم إذا نودي إلى الصلاة لأنه ذكر في القصة أنهم إذا سمعوا المنادي يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله [ قال رجال من النصارى ] حرق الكاذب ، وقالوا : والله ما نعلم أهل دين من هذه الأديان أقل حظا في الدنيا والآخرة منهم ؛ يعنون محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم فدخلت خادمهم ليلة من الليالي بنار وهم نيام ، فسقطت شرارة ، فحرقت البيت وأهله .

وقوله تعالى : { ذلك بأنهم قوم لا يعقلون } نفى عنهم العقل لما لم ينتفعوا بما عقلوا ، وإلا كانوا يعقلون . وعلى ذلك يخرج قوله [ تعالى : { لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها } ] [ الأعراف : 179 ] إنا نعلم أنهم كانوا يبصرون ، ويسمعون . لكن نفى عنهم لما ينتفعوا بالبصر والسمع واللسان كمن ليس له ذلك في أصل ، والله أعلم .

ويحتمل وجها آخر ، وهو أن شدة بغضهم وحسدهم لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم تمنعهم عن فهم ما خوطبوا به ، وتحول بينهم وبين معرفة ذلك . كانوا كمن ليس لهم ذلك رأسا .