بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَإِذَا نَادَيۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُوٗا وَلَعِبٗاۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ} (58)

قوله تعالى : { وَإِذَا ناديتم إِلَى الصلاة } يعني : إذا أذن المؤذن للصلاة ، وإنما أضاف النداء إلى جميع المسلمين ، لأن المؤذن يؤذن لهم ويناديهم ، فأضاف إليهم فقال : { وَإِذَا ناديتم إِلَى الصلاة } { اتخذوها هُزُواً وَلَعِباً } يعني : الكفار ، إذا سمعوا الأذان استهزؤوا به . وإذا رأوهم ركعاً وسجداً ضحكوا واستهزؤوا بذلك . { ذلك } الاستهزاء { بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ } يعني : لا يعلمون ثوابه . وقال الضحاك : سأل النبي صلى الله عليه وسلم جبريل ، وقال : «من أَتَّخِذُه مؤذّناً ؟ » . قال : يا محمد عليك بالعبد الأسود ، فإنه مشهود في الملائكة ، وجهير الصوت ، وأحبّ المؤذنين إلى الله تعالى . فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالاً ، وعلمه الأذان ، وأمره أن يصعد سطح المسجد ويؤذن . فلما أذن سخر منه أهل النفاق ، وأهل الشرك ، وكذلك يوم فتح مكة . أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن يؤذن على ظهر الكعبة ، فسخر منه كفار الأعراب ، وجهالهم ، فنزل قوله تعالى : { وَإِذَا ناديتم إِلَى الصلاة اتخذوها هُزُواً وَلَعِباً } يعني : المنافقين ، واليهود ، ومشركي العرب . وروى أسباط عن السدي قال : كان رجل من النصارى بالمدينة إذا سمع المؤذن يقول : أشهد أن محمداً رسول الله قال : حرق الله الكاذب . فدخلت خادمته ليلة من الليالي بنار ، وهم نيام فسقطت شرارة في البيت فاحترق البيت ، واحترق هو وأهله ، واستجيب دعاؤه في نفسه . وروي عن ابن عباس هذه الحكاية نحو هذا إلا أنه ذكر اليهودي .