غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَإِذَا نَادَيۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُوٗا وَلَعِبٗاۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ} (58)

48

قال الكلبي : كان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نادى إلى الصلاة فقام المسلمون إليها قالت اليهود : قد قاموا لا قاموا صلوا لا صلوا ركعوا لا ركعوا على طريق الاستهزاء والضحك فنزل { وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها } أي الصلاة والمناداة . وهذا بعض ما اتخذوه من هذا الدين هزواًَ ولعباً ، فلهذا أردفه بالآية المقدمة الكلية . وقال السدي : نزلت في رجل من النصارى بالمدينة كان إذا سمع المؤذن يقول : أشهد أن محمداً رسول الله . قال : حرق الكاذب . فدخل خادمه بنار ذات ليلة وهو نائم وأهله نيام فتطايرت منها شرارة في البيت فاحترق البيت واحترق هو وأهله . وقال آخرون : إن الكفار لما سمعوا الأذان حسدوا رسول الله والمسلمين على ذلك فدخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد لقد أبدعت شيئاً لم نسمع به فيما مضى من الأمم الخالية . فإن كنت تدعي النبوة فقد خالفت فيما أحدثت من هذا الأذان الأنبياء قبلك ، ولو كان في هذا الأمر خير كان أولى الناس به الأنبياء والرسل قبلك ، فمن أين لك صياح كصياح العنز ؟ فما أقبح من صوت وما أسمج من أمر . فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وأنزل : { ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله } قال بعض العلماء : فيه دليل على ثبوت الآذان بنص الكتاب لا بالمنام وحده . وأقول : لو قيل إن أصل الأذان بالمنام والتفرير بنص الكتاب كان أصوب ذلك الاتخاذ . { بأنهم قوم لا يعقلون } ما في الصلاة من المنافع لأنها التوجه إلى الخالق والاشتغال بخدمة المعبود ، أو لا يفهمون ما في اللعب والهزء من السفه والجهل . قال بعض الحكماء : أشرف الحركات الصلاة وأنفع السكنات الصيام .

/خ58