قوله تعالى : " قل من رب السماوات والأرض قل الله " أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين : " قل من رب السماوات والأرض " ثم أمره أن يقول لهم{[9376]} : هو الله إلزاما للحجة إن لم يقولوا ذلك ، وجهلوا من هو . " قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا " هذا يدل على اعترافهم بأن الله هو الخالق وإلا لم يكن للاحتجاج بقوله : " قل أفاتخذتم من دونه أولياء " معنى ، دليله قوله : " ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله{[9377]} " [ الزمر : 38 ] أي فإذا اعترفتم فلم تعبدون غيره ؟ ! وذلك الغير لا ينفع ولا يضر ، وهو إلزام صحيح . ثم ضرب لهم مثلا فقال : " قل هل يستوي الأعمى والبصير " فكذلك لا يستوي المؤمن الذي يبصر الحق ، والمشرك الذي لا يبصر الحق . وقيل : الأعمى مثل لما عبدوه من دون الله ، والبصير مثل الله تعالى : " أم هل تستوي الظلمات والنور " أي الشرك والإيمان . وقرأ ابن محيصن وأبو بكر والأعمش وحمزة والكسائي " يسوي " بالياء لتقدم الفعل ، ولأن تأنيث " الظلمات " ليس بحقيقي . الباقون بالتاء ، واختاره أبو عبيد ، قال : لأنه لم يحل بين المؤنث والفعل حائل . و " الظلمات والنور " مثل الإيمان والكفر ، ونحن لا نقف على كيفية ذلك . " أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم " هذا من تمام الاحتجاج ، أي خلق غير الله مثل خلقه فتشابه الخلق عليهم ، فلا يدرون خلق الله من خلق آلهتهم . " قل الله خالق كل شيء " أي قل لهم يا محمد : " الله خالق كل شيء " ، فلزم لذلك أن يعبده كل شيء . والآية رد على المشركين والقدرية الذين زعموا أنهم خلقوا كما خلق الله . " وهو الواحد " قبل كل شيء . " القهار " الغالب لكل شيء ، الذي يغلب في مراده كل مريد . قال القشيري أبو نصر : ولا يبعد أن تكون الآية واردة فيمن لا يعترف بالصانع ، أي سلهم عن خالق السماوات والأرض ، فإنه يسهل تقرير الحجة فيه عليهم ، ويقرب الأمر من الضرورة ، فإن عجز الجماد وعجز كل مخلوق عن خلق السماوات والأرض معلوم ، وإذا تقرر هذا وبان أن الصانع هو الله فكيف يجوز اعتداد الشريك له ؟ ! وبين في أثناء الكلام أنه لو كان للعالم صانعان لاشتبه الخلق ، ولم يتميز فعل هذا عن فعل ذلك ، فبم يعلم أن الفعل من اثنين ؟ ! .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.