بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قُلۡ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ قُلِ ٱللَّهُۚ قُلۡ أَفَٱتَّخَذۡتُم مِّن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ لَا يَمۡلِكُونَ لِأَنفُسِهِمۡ نَفۡعٗا وَلَا ضَرّٗاۚ قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِيرُ أَمۡ هَلۡ تَسۡتَوِي ٱلظُّلُمَٰتُ وَٱلنُّورُۗ أَمۡ جَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ خَلَقُواْ كَخَلۡقِهِۦ فَتَشَٰبَهَ ٱلۡخَلۡقُ عَلَيۡهِمۡۚ قُلِ ٱللَّهُ خَٰلِقُ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُوَ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّـٰرُ} (16)

قوله تعالى : { قُلْ مَن رَّبُّ السموات والأرض } يعني : قل يا محمد لأهل مكة من خالق السموات والأرض ؟ فإن أجابوك وإلا ف { قُلِ الله } .

ثم قال : { قُلْ أفاتخذتم مّن دُونِهِ أَوْلِيَاء } يعني : أفعبدتم غيره { لاَ يَمْلِكُونَ لانْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الأعمى والبصير } أي : كما لا يستوي الأعمى والبصير ، كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن . ويقال : { الأعمى } الجاهل الذي لا يتفكر ، ولا يرغب في الحق ، والبصير العالم الذي يتفكر ، ويرغب في الحق .

{ أَمْ هَلْ تَسْتَوِى الظلمات والنور } أي : كما لا تستوي الظلمات والنور ، فكذلك لا يستوي الإيمان والكفر . قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر { يَسْتَوِى } بلفظ التذكير بالياء . وقرأ الباقون بالتاء بلفظ التأنيث ، لأن تأنيثه ليس بحقيقي ، فيجوز أن يذكر ويؤنث ، ولأن الفعل مقدم على الاسم .

ثم قال : { أَمْ جَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَاء } يعني : بل جعلوا لله شركاء من الأصنام . ويقال : معناه أجعلوا لله شركاء ، والميم صلة . ثم قال : { خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الخلق عَلَيْهِمْ } يعني : هل خلق الأوثان خلقاً كما خلق الله فاشتبه عليهم خلق الله تعالى من خلق غيره ، فلما ضرب الله مثلاً لآلهتهم سكتوا .

قال الله تعالى : { قُلِ الله خالق كُلّ شَىْء } قل يا محمد الله عز وجل خالق جميع الموجودين { وَهُوَ الواحد القهار } يعني : الذي لا شريك له ، القاهر لخلقه ، القادر عليهم .