الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{قُلۡ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ قُلِ ٱللَّهُۚ قُلۡ أَفَٱتَّخَذۡتُم مِّن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ لَا يَمۡلِكُونَ لِأَنفُسِهِمۡ نَفۡعٗا وَلَا ضَرّٗاۚ قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِيرُ أَمۡ هَلۡ تَسۡتَوِي ٱلظُّلُمَٰتُ وَٱلنُّورُۗ أَمۡ جَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ خَلَقُواْ كَخَلۡقِهِۦ فَتَشَٰبَهَ ٱلۡخَلۡقُ عَلَيۡهِمۡۚ قُلِ ٱللَّهُ خَٰلِقُ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُوَ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّـٰرُ} (16)

ثم قال تعالى : { قل من رب السموات والأرض } الآية [ 16 ] والمعنى : قل يا محمد لهؤلاء المشركين بالله : من رب السماوات والأرض ، ومدبرها ؟ قل : الله {[36092]} أتى الجواب {[36093]} والسؤال فيه من جهة واحدة . وذلك على تقدير أنهم {[36094]} لما قيل لهم : من رب السماوات والأرض ، ( ومدبرها ) {[36095]} . جهلوا الجواب فقالوا : ومن هو ؟ فقيل لهم الله : ومثله : { من يبدأ الخلق ثم يعيده قل الله } {[36096]} .

وهو كثير في القرآن : يأتي السؤال والجواب من جهة ( واحدة ، من جهة السائل . وإنما حق الجواب أن يكون من جهة ) {[36097]} السؤال ، لكن أتى الجواب ) {[36098]} من جهة السائل ( الجواب : على معنى أنهم جعلوا الجواب ، وطلبوه من جهة السائل ) {[36099]} : فأعلمهم به السائل ، فصار السؤال الجواب من جهة واحدة {[36100]} .

ثم أمر {[36101]} أن يقول لهم : { أفاتخذتم من دونه {[36102]} أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا }[ 16 ] يجتلبونه لها ، { ولا ضرا } يدفعونه {[36103]} عنها ، وهي {[36104]} إذا لم تملك ذلك لأنفسها ، تكون {[36105]} أضعف عن ملكه لغيرها ، فعبدتم من هذه صفته ، وتركتم ( عبادة ) {[36106]} من بيده النفع والضر ، والموت والحياة . ( ثم ) {[36107]} ضرب لهم مثلا ، فقال : قل لهم يا محمد { قل هل يستوي الأعمى والبصير } {[36108]} يريد به المؤمن والكافر {[36109]} .

{ أم {[36110]} هل تستوي الظلمات والنور }[ 16 ] : ( أي ) : الإيمان والكفر {[36111]} ، فالظلمة طرف الكفر ، والنور طرف الإيمان .

قال مجاهد : الظلمات والنور : ( الهدى والضلالة ) {[36112]} .

ثم قال تعالى : { ثم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه }[ 16 ] الآية المعنى : قل يا محمد لهؤلاء المشركين : أخلق أوثانكم خلقا كخلق الله ، فاشتبه عليكم أمرها فيما خلقت ، وخلق الله ( سبحانه ) {[36113]} ، فجعلتموها شركاء لله من أجل ذلك {[36114]} .

ثم قال ( تعالى ) {[36115]} : { قل الله خالق كل شيء }[ 18 ] : ( أي : قل لهم يا محمد : إذا أقروا أن أوثانهم لا تخلق : فالله { خالق كل شيء } ) {[36116]} ، فهو أحق بالعبادة ممن لا يخلق ، ولا يضر ، ولا ينفع {[36117]} .

{ وهو الواحد القهار }[ 16 ] : أي : ( الفرد الذي لا ثاني له ) {[36118]} ، { القهار } : أي : ( القهار ) {[36119]} {[36120]} بقدرته كل شيء ، ولا يقهره شيء .


[36092]:انظر هذا المعنى في: الجامع 9/199.
[36093]:ط: في هذا والسؤال من جهة.
[36094]:ق: النهي.
[36095]:ساقط من ط.
[36096]:يونس آية 34.
[36097]:ساقط من ق.
[36098]:ما بين القوسين ساقط من ق.
[36099]:ساقط من ق.
[36100]:انظر: أمثلة من ذلك في السور التالية: الأنعام 20-64-65-92، والأعراف: 30، ويونس: 35، وسبأ: 24.
[36101]:ق: أمرهم. ط: وأتم أمر، ولعل الصواب ما أثبت.
[36102]:ساقط من ط.
[36103]:ط: مطموس.
[36104]:ق: وهو.
[36105]:لعله ساقط من النسختين: وأضفته ليستقيم السياق.
[36106]:ساقط من ط.
[36107]:ساقط من ق.
[36108]:انظر: هذا التفسير بتمامه في: جامع البيان 16/405.
[36109]:انظر: إعراب النحاس 2/255.
[36110]:ق: أي.
[36111]:انظر هذا التفسير في: جامع البيان 16/406، وإعراب النحاس 2/355، والجامع 9/199.
[36112]:انظر هذا القول في: جامع البيان 16/407.
[36113]:ساقط من ق.
[36114]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 16/407، ومعاني الزجاج 3/144. وفي تفسير مجاهد 406: (فحملهم ذلك على أن يشكوا في الأوثان).
[36115]:ساقط من ق.
[36116]:ما بين القوسين ساقط من ط.
[36117]:انظر هذا التوجيه بتمامه في: جامع البيان 16/408.
[36118]:انظر المصدر السابق.
[36119]:ساقط من ق.
[36120]:ط: القاهر.