الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَآ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۗ وَإِنَّ ٱلسَّاعَةَ لَأٓتِيَةٞۖ فَٱصۡفَحِ ٱلصَّفۡحَ ٱلۡجَمِيلَ} (85)

قوله تعالى : " وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق " أي للزوال والفناء . وقيل : أي لأجازي المحسن والمسيء ، كما قال : " ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزى الذين أساؤوا بما عملوا ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى{[9740]} " [ النجم : 31 ] . " وإن الساعة لآتية " أي لكائنة فيجزى كل بعمله . " فاصفح الصفح الجميل " مثل " واهجرهم هجرا جميلا{[9741]} " [ المزمل : 10 ] أي تجاوز عنهم يا محمد ، واعفو عفوا حسنا ، ثم نسخ بالسيف . قال قتادة : نسخه قوله : " فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم{[9742]} " [ النساء : 91 ] . وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم : ( لقد جئتكم بالذبح وبعثت بالحصاد{[9743]} ولم أبعث بالزراعة ) ، قاله عكرمة ومجاهد . وقيل : ليس بمنسوخ ، وأنه أمر بالصفح في حق نفسه فيما بينه وبينهم . والصفح : الإعراض ، عن الحسن وغيره .


[9740]:راجع ج 17 ص 105.
[9741]:راجع ج 19 ص 44.
[9742]:راجع ج 5 ص 310.
[9743]:كذا في الأصول وتفسير الطبري. وفي كتاب الجامع الصغير: "بالجهاد".