قوله تعالى : " قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء " يعني الآيات التسع . و " أنزل " بمعنى أوجد . " إلا رب السماوات والأرض بصائر " أي دلالات يستدل بها على قدرته ووحدانيته . وقراءة العامة " علمت " بفتح التاء ، خطابا لفرعون . وقرأ الكسائي بضم التاء ، وهي قراءة علي رضي الله عنه ، وقال : والله ما علم عدو الله ولكن موسى هو الذي يعلم ، فبلغت ابن عباس فقال : إنها " لقد علمتَ " ، واحتج بقوله تعالى : " وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا{[10398]} " [ النمل : 14 ] . ونسب فرعون إلى العناد . وقال أبو عبيد : والمأخوذ به عندنا فتح التاء ، وهو الأصح للمعنى الذي احتج به ابن عباس ، ولأن موسى لا يحتج بقوله : علمت أنا ، وهو الرسول الداعي ، ولو كان مع هذا كله تصح به القراءة عن علي لكانت حجة ، ولكن لا تثبت عنه ، إنما هي عن كلثوم المرادي وهو مجهول لا يعرف ، ولا نعلم أحدا قرأ بها غير الكسائي . وقيل : إنما أضاف موسى إلى فرعون العلم بهذه المعجزات ؛ لأن فرعون قد علم مقدار ما يتهيأ للسحرة فعله ، وأن مثل ما فعل موسى لا يتهيأ لساحر ، وأنه لا يقدر على فعله إلا من يفعله ، الأجسام ويملك السماوات والأرض . وقال مجاهد : دخل موسى على فرعون في يوم شات وعليه قطيفة له ، فألقى موسى عصاه فإذا هي ثعبان ، فرأى فرعون جانبي البيت بين فُقْمَيها ، ففزع وأحدث في قطيفته . [ الفقم بالضم اللحى ، وفي الحديث : من حفظ ما بين فقميه . أي ما بين لحييه ] " وإني لأظنك يا فرعون مثبورا " الظن هنا بمعنى التحقيق . والثبور : الهلال والخسران أيضا . قال الكميت :
ورأتْ قُضاعة في الأيا *** من رأي مَثْبُورٍ وثَابِرِ
أي مخسور وخاسر ، يعني في انتسابها إلى اليمن . وقيل : ملعونا . رواه المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس . وقال أبان بن تغلب . وأنشد :
يا قومنا لا تروموا حربنا سَفَهًا*** إن السَّفاه وإن البغي مثبورُ
أي ملعون . وقال ميمون بن مهران عن ابن عباس : " مثبورا " ناقص العقل . ونظر المأمون رجلا فقال له : يا مثبور ، فسئل عنه قال : قال الرشيد قال المنصور لرجل : مثبور ، فسألته فقال : حدثني ميمون بن مهران . . . فذكره . وقال قتادة : هالكا . وعنه أيضا والحسن ومجاهد . مهلكا . والثبور : الهلاك ، يقال : ثبر الله العدو ثبورا أهلكه . وقيل : ممنوعا من الخير حكى أهل اللغة : ما ثبرك عن كذا أي ما منعك منه . وثبره الله ثبرا . قال ابن الزبعرى :
إذْ أُجَارِي الشيطان في سَنَنِ الغ *** يّ ومن مال مَيْلَهُ مثبور
الضحاك : " مثبورا " مسحورا . رد عليه مثل ما قال له باختلاف اللفظ . وقال ابن زيد : " مثبورا " مخبولا لا عقل له .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.