غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالَ لَقَدۡ عَلِمۡتَ مَآ أَنزَلَ هَـٰٓؤُلَآءِ إِلَّا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَٰفِرۡعَوۡنُ مَثۡبُورٗا} (102)

90

ومن قرأ " علمت " بضم التاء فظاهر لأن موسى كان علماً بصحة الأمر وأن هذه الآيات منزلها رب السموات والأرض ، فأراد أني لا أشك في أمري بسبب تشكك مكذب مثلك . ومن قرأ بفتحها فالمراد تبين أن كفر فرعون كفر جحود وعناد كقوله

{ وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً } [ النمل : 14 ] . وقوله للآيات : { هؤلاء } كقوله :

*** والعيش بعد أولئك الأيام ***

ومعنى { بصائر } بينات مكشوفات وانتصابها على الحال كأنه أشار بقوله : { ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض } إلى أنها أفعال خارقة للعادة ، وبقوله : { بصائر } إلى أن فاعله إنما فعله لغرض تصديق المدعي فتم حد المعجز بمجموع القيدين .

ثم قارع موسى ظن فرعون بظنه فقال : { إني لأظنك يا فرعون مثبوراً } قال الفراء : أي ملعوناً محبوساً عن الخير من قولهم " ما ثبرك عن هذا " أي ما منعك وصرفك . وقال مجاهد وقتادة ، أي هالكاً من الثبور الهلاك . ولا ريب أن ظن موسى أصح من ظنه لأن إنكار ما علم صحته يستعقب لا محالة ويلاً وثبوراً وحسرة وندامة ، ولهذا قال : { فأراد } .

/خ111