قوله تعالى : { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً } الآية في نصب ( عَبَثاً ) وجهان :
أحدهما : أنّه مصدر واقع موقع الحال أي : عابثين .
والثاني : أنه مفعول من أجله أي : لأجل العبث{[33540]} . والعَبَث : اللعب ، وما لا فائدة فيه ، أي : لتعبثوا{[33541]} وتلعبوا ، كما خلقت البهائم لا ثواب لها ولا عقاب ، وكل ما ليس له غرض صحيح . يقال : عَبَثَ يَعْبِثُ عَبثاً إذا خلط عليه بلعب ، وأصله من قولهم عبثت{[33542]} الأَقِط{[33543]} ، أي : خلطته{[33544]} ، والعَبِيث : طعام مخلوط بشيء ، ومنه العَوْبَثَانِي لتمر وسُوَيْق وسمن مختلط . قوله : «وَأَنَّكُمْ » يجوز أن يكون معطوفاً على ( أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ ) لكون الحسبان منسحباً عليه{[33545]} وأن يكون معطوفاً على ( عَبَثاً ) إذا كان مفعولاً من أجله .
قال الزمخشري : ويجوز أن يكون معطوفاً على ( عَبَثاً ) أي : للعبث ولترككم غير مرجوعين{[33546]} وقُدّم «إِلَيْنَا » على ( تُرْجَعُونَ ) لأجل الفواصل .
قوله : «لاَ تُرْجَعُونَ » هو خبر «أَنَّكُمْ »{[33547]} ، وقرأ الأخوان{[33548]} «تَرْجِعُونَ » مبنياً للفاعل ، والباقون مبنياً للمفعول{[33549]} . وقد تقدّم أن ( رجع ) يكون لازماً ومتعدياً{[33550]} . وقيل : لا يكون إلا متعدّياً ، والمفعول محذوف .
لما شرح صفات القيامة استدل على وجودها بأنّه لولا القيامة لما تميّز المُطيع عن العاصي ، والصديق عن الزنديق ، وحينئذ يكون هذا العالم عَبَثاً{[33551]} ، وهو كقوله : { أَيَحْسَبُ الإنسان أَن يُتْرَكَ سُدًى }{[33552]} [ القيامة : 36 ] . والمعنى : أَنَّما خلقتم للعبادة وإقامة أوامر الله عزَّ وجلَّ {[33553]} .
رُوي أن رجلاً مُصاباً مُرَّ به على ابن مسعود فَرَقَاهُ{[33554]} في أذنيه { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ } حتى ختمها ، فَبَرأ ، ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بماذا رقيته في أذنه فأخبره ){[33555]} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «والذي نفسي بيده لو أنّ رجلاً موقناً قرأها على جبل لَزَال »{[33556]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.