فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَفَحَسِبۡتُمۡ أَنَّمَا خَلَقۡنَٰكُمۡ عَبَثٗا وَأَنَّكُمۡ إِلَيۡنَا لَا تُرۡجَعُونَ} (115)

ثم زاد سبحانه في توبيخهم فقال : { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً } الهمزة للتوبيخ والتقرير ، والفاء للعطف على مقدّر كما تقدّم بيانه في مواضع ، أي ألم تعلموا شيئاً فحسبتم ، وانتصاب { عبثاً } على الحال ، أي عابثين ، أو على العلة ، أي للعبث . قال بالأوّل سيبويه وقطرب ، وبالثاني أبو عبيدة ، وقال أيضاً : يجوز أن يكون منتصباً على المصدرية ، وجملة : { وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ } معطوفة على { أنما خلقناكم عبثاً } والعبث في اللغة : اللعب ، يقال : عبث يعبث عبثاً فهو عابث ، أي لاعب ، وأصله من قولهم : عبثت الأقط ، أي خلطته ، والمعنى : أفحسبتم أن [ خلقناكم ] للإهمال كما خلقت البهائم ولا ثواب ولا عقاب ، وأنكم إلينا لا ترجعون بالبعث والنشور فنجازيكم بأعمالكم ، قرأ حمزة والكسائي : «ترجعون » بفتح الفوقية وكسر الجيم مبنياً للفاعل ، وقرأ الباقون على البناء للمفعول . وقيل : إنه يجوز عطف { وأنكم إلينا لا ترجعون } على { عبثاً } على معنى : أنما خلقناكم للعبث ولعدم الرجوع .

/خ118