الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{ٱرۡجِعۡ إِلَيۡهِمۡ فَلَنَأۡتِيَنَّهُم بِجُنُودٖ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخۡرِجَنَّهُم مِّنۡهَآ أَذِلَّةٗ وَهُمۡ صَٰغِرُونَ} (37)

قوله تعالى : " ارجع إليهم " أي قال سليمان للمنذر بن عمرو أمير الوفد ، ارجع إليهم بهديتهم . " فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها " لام قسم والنون لها لازمة . قال النحاس : وسمعت أبا الحسن بن كيسان يقول : هي لام توكيد وكذا كان عنده أن اللامات كلها ثلاث لا غير ، لام توكيد ، ولام أمر ، ولام خفض ، وهذا قول الحذاق من النحويين ؛ لأنهم يردون الشيء إلى أصله : وهذا لا يتهيأ إلا لمن درب في العربية . ومعنى " لا قبل لهم بها " أي لا طاقة لهم عليها . " ولنخرجنهم منها " أي من أرضهم وقيل : " منها " أي من قرية سبأ . وقد سبق ذكر القرية في قوله : " إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها " [ النمل : 34 ] . " أذلة وهم صاغرون " " أذلة " قد سلبوا ملكهم وعزهم . " وهم صاغرون " أي مهانون أذلاء من الصغر وهو الذل إن لم يسلموا ، فرجع إليها رسولها فأخبرها ، فقالت : قد عرفت أنه ليس بملك ولا طاقة لنا بقتال نبي من أنبياء الله . ثم أمرت بعرشها فجعل في سبعة أبيات بعضها في جوف بعض ، في آخر قصر من سبعة قصور ، وغلقت الأبواب ، وجعلت الحرس عليه ، وتوجهت إليه في اثني عشر ألف قيل من ملوك اليمن ، تحت كل قيل مائة ألف .