فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱرۡجِعۡ إِلَيۡهِمۡ فَلَنَأۡتِيَنَّهُم بِجُنُودٖ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخۡرِجَنَّهُم مِّنۡهَآ أَذِلَّةٗ وَهُمۡ صَٰغِرُونَ} (37)

ثم قال سليمان للرسول :{ ارجع إليهم } أي إلى بلقيس وقومها بما أتيت من الهدية ، وخاطب المفرد ههنا بعد خطابه للجماعة فيما قبل إما لأن الذي سيرجع هو الرسول فقط ، أو خص أمير الرسل بالخطاب هنا ، وخاطبهم معه فيما سبق افتنانا في الكلام . وقرئ ارجعوا وقيل : إن الضمير يرجع إلى الهدهد .

واللام في { فلنأتينهم } جواب قسم محذوف ، أي : والله إن لن يأتوني مسلمين لنأتينهم قال النحاس : وسمعت ابن كيسان يقول : هي لام توكيد ، ولام أمر ، ولام خفض . وهذا قول الحذاق من النحويين لأنهم يردون الشيء أصله ، وهذا لا يتهيأ إلا لمن درب في العربية .

{ بجنود لا قبل } أي : لا طاقة { لهم بها } وحقيقة القبل المقابلة والمقاومة ، أي لا يقدرون أن يقابلوهم .

{ ولنخرجنهم منها } أي : من بلادهم وأرضهم التي هم فيها ، وهي سبأ حال كونهم { أذلة } بعد أن كانوا أعزة { وهم صاغرون } هي حال ثانية مؤكدة للأولى ، لأن الصغار هو الذلة ، وقيل : إن المراد بالصغار هنا الأسر والاستبعاد ، وقيل : إن الصغار الإهانة التي تسبب عنها الذلة . ولما رجع الرسول إلى بلقيس بالهدية تجهزت للمسير إلى سليمان لتنظر ما يأمرها به ، وأخبر جبريل سليمان بذلك .