فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ٱرۡجِعۡ إِلَيۡهِمۡ فَلَنَأۡتِيَنَّهُم بِجُنُودٖ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخۡرِجَنَّهُم مِّنۡهَآ أَذِلَّةٗ وَهُمۡ صَٰغِرُونَ} (37)

{ ارجع إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا } أي قال سليمان للرسول : ارجع إليهم : أي إلى بلقيس وقومها ، خاطب المفرد ها هنا بعد خطابه للجماعة فيما قبل ، إما لأن الذي سيرجع هو الرسول فقط ، أو خص أمير الرسل بالخطاب هنا وخاطبهم معه فيما سبق افتناناً في الكلام . وقرأ عبد الله بن عباس : " ارجعوا " ، وقيل : إن الضمير يرجع إلى الهدهد ، واللام في " لنأتيهم " جواب قسم محذوف .

قال النحاس : وسمعت ابن كيسان يقول : هي لام توكيد ولام أمر ولام خفض ، وهذا قول الحذاق من النحويين ؛ لأنهم يردّون الشيء إلى أصله ، وهذا لا يتهيأ إلاّ لمن درب في العربية ، ومعنى { لاَّ قِبَلَ لَهُمْ } : لا طاقة لهم بها ، والجملة في محل جرّ صفة لجنود { وَلَنُخْرِجَنَّهُم } معطوف على جواب القسم : أي لنخرجنهم من أرضهم التي هم فيها { أَذِلَّةٍ } أي حال كونهم أذلة بعد ما كانوا أعزّة ، وجملة { وَهُمْ صاغرون } في محل نصب على الحال ، قيل وهي حال مؤكدة ؛ لأن الصغار هو الذلة ، وقيل إن المراد بالصغار هنا : الأسر ، والاستعباد ، وقيل : إن الصغار الإهانة التي تسبب عنها الذلة .

/خ40