الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَلَقَدۡ أَضَلَّ مِنكُمۡ جِبِلّٗا كَثِيرًاۖ أَفَلَمۡ تَكُونُواْ تَعۡقِلُونَ} (62)

قوله تعالى : " ولقد أضل منكم " أي أغوى " جبلا كثيرا " أي خلقا كثيرا . قاله مجاهد . قتادة : جموعا كثيرة . الكلبي : أمما كثيرة ، والمعنى واحد . وقرأ أهل المدينة وعاصم : " جبلا " بكسر الجيم والباء . وأبو عمرو وابن عامر " جبلا " بضم الجيم وإسكان الباء . الباقون " جبلا " ضم الجيم والباء وتخفيف اللام ، وشددها الحسن وابن أبي إسحاق وعيسى بن عمر وعبد الله بن عبيد والنضر بن أنس . وقرأ أبو يحيى والأشهب العقيلي " جبلا " بكسر الجيم وإسكان الباء وتخفيف اللام . فهذه خمس قراءات . قال المهدوي والثعلبي : وكلها لغات بمعنى الخلق . النحاس : أبينها القراءة الأولى ، والدليل على ذلك أنهم قد أجمعوا على أن قرؤوا " والجبلة الأولين " [ الشعراء : 184 ] فيكون " جبلا " جمع جبلة ، والاشتقاق فيه كله واحد . وإنما هو من جبل الله عز وجل الخلق أي خلقهم . وقد ذكرت قراءة سادسة وهي : " ولقد أضل منكم جيلا كثيرا " بالياء . وحكي عن الضحاك أن الجيل الواحد عشرة آلاف ، والكثير ما لا يحصيه إلا الله عز وجل . ذكره الماوردي . " أفلم تكونوا تعقلون " عداوته وتعلموا أن الواجب طاعة الله .