الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُ ٱللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمۡ فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ وَعِظۡهُمۡ وَقُل لَّهُمۡ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ قَوۡلَۢا بَلِيغٗا} (63)

فقال الله تعالى مكذبا لهم : " أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم " قال الزجاج : معناه قد علم الله أنهم منافقون . والفائدة لنا : اعلموا أنهم منافقون . " فأعرض عنهم " قيل : عن عقابهم . وقيل : عن قبول اعتذارهم " وعظهم " أي خوفهم . قيل في الملأ . " وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا " أي ازجرهم بأبلغ الزجر في السر والخلاء . الحسن : قل لهم إن أظهرتم ما في قلوبكم قتلتكم . وقد بلغ القول بلاغة ؛ ورجل بليغ يبلغ بلسانه كنه ما في قلبه . والعرب تقول : أحمق بَلْغٌ وبِلْغٌ ، أي نهاية في الحماقة . وقيل : معناه يبلغ ما يريد وإن كان أحمق . ويقال : إن قوله تعالى : " فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم " نزل في شأن الذين بنوا مسجد الضرار{[4598]} ، فلما أظهر الله نفاقهم ، وأمرهم بهدم المسجد حلفوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم دفاعا عن أنفسهم : ما أردنا ببناء المسجد إلا طاعة الله وموافقة الكتاب .


[4598]:هو مسجد بقباء، وهي قرية على بعد ميلين من المدينة على يسار القاصد إلى مكة، وهذا المسجد يتطوع العوام بهدمه. (معجم البلدان).