{ أولئك } أي المنافقون المذكورون { الذين يَعْلَمُ الله مَا فِى قُلُوبِهِمْ } من فنون الشرور المنافية لما أظهروا لك من ( بنات غير وجاءوا به من أذنى عناق ) { فَأَعْرَضَ } حيث كانت حالهم كذلك { عَنْهُمْ } أي قبول عذرهم ، ويلزم ذلك الإعراض عن طلبهم دم القتيل لأنه هدر ، وقيل : عن عقابهم لمصلحة في استبقائهم ، ولا تظهر لهم علمك بما في بواطنهم الخبيثة حتى يبقوا على نيران الوجل { وَعِظْهُمْ } بلسانك وكفهم عن النفاق { وَقُل لَّهُمْ فِى أَنفُسِهِمْ } أي قل لهم خالياً لا يكون معهم أحد لأنه أدعى إلى قبول النصيحة ، ولذا قيل : النصح بين الملأ تقريع ، أو قل لهم في شأن أنفسهم ومعناها { قَوْلاً بَلِيغاً } مؤثراً واصلا إلى كنه المراد مطابقاً لما سيق له من المقصود فالظرف على التقديرين متعلق بالأمر . وقيل : متعلق ب { بَلِيغاً } وهو ظاهر على مذهب الكوفيين ، والبصريون لا يجيزون ذلك لأن معمول الصفة عندهم لا يتقدم على الموصوف لأن المعمول إنما يتقدم حيث يصح تقدم عامله ، وقيل : إنه إنما يصح إذا كان ظرفاً وقواه البعض ، وقيل : إنه متعلق بمحذوف يفسره المذكور وفيه بعد والمعنى على تقدير التعلق : قل لهم قولاً بليغاً في أنفسهم مؤثراً فيها يغتمون به اغتماماً ، ويستشعرون منه الخوف استشعاراً ، وهو التوعد بالقتل والاستئصال ، والإيذان بأن ما انطوت عليه قلوبهم الخبيثة من الشر والنفاق بمرأى من الله تعالى ومسمع غير خاف عليه سبحانه وإن ذلك مستوجب ( لما تشيب منه النواصي ، وإنما هذه المكافة ) والتأخير لإظهارهم الإيمان وإضمارهم الكفر ، ولئن أظهروا الشقاق وبرزوا بأشخاصهم من نفق النفاق ( لتسامرنهم السمر والبيض ، وليضيقن عليهم رحب الفلا بالبلاء العريض ) ، واستدل بالآية الأولى على أنه قد تصيب المصيبة بما يكتسبه العبد من الذنوب ، ثم اختلف في ذلك فقال الجبائي : لا يكون ذلك إلا عقوبة في التائب ، وقال أبو هاشم : يكون ذلك لطفاً . وقال القاضي عبد الجبار : قد يكون لطفاً وقد يكون جزاءاً وهو موقوف على الدليل .
( هذا ومن باب الإشارة ) :{ أُولَئِكَ الذين يَعْلَمُ الله مَا فِى قُلُوبِهِمْ } من رين الشكوك فيجازيهم على ذلك يوم القيامة { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } ولا تقبل عذرهم { وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِى أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً } [ النساء : 63 ] مؤثراً ليرتدعوا أو كلمهم على مقادير عقولهم ومتحمل طاقتهم
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.