غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُ ٱللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمۡ فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ وَعِظۡهُمۡ وَقُل لَّهُمۡ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ قَوۡلَۢا بَلِيغٗا} (63)

58

ثم أخبر الله سبحانه بما في ضمائرهم من الدغل والنفاق فقال : { أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم } وذلك أن من أراد المبالغة في شيء قال هذا شيء لا يعلمه إلا الله يعني أنه لكثرته وعظم حاله لا يقدر أحد على معرفته إلا هو . ثم علّم نبيه كيف يعاملهم فأمره بثلاثة أشياء : الأول الإعراض عنهم والمراد به أنه لا يقبل منهم ذلك العذر ويستمر على السخط ، أو أنه لا يهتك سترهم ولا يظهر لهم أنه عالم بكنه ما في بواطنهم من النفاق لما فيه من حسن العشرة والحذر من آثار الفتنة . الثاني أن يعظهم فيزجرهم عن النفاق بالتخويف من عذاب الدارين . الثالث قوله : { وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً } وفيه وجوه : أحدها أن في الآية تقديماً وتأخيراً . والمعنى قل لهم قولاً بليغاً في أنفسهم مؤثراً في قلوبهم يغتنمون به اغتناماً ويستشعرون منه الخوف . الثاني وقل لهم في معنى أنفسهم الخبيثة وقلوبهم المطوية على النفاق قولاً بليغاً هو أن الله يعلم ما في قلوبكم فلن يغني عنكم الإخفاء ، فطهروا قلوبكم عن دنس النفاق وإلا فسينزل الله بكم ما أنزل بالمجاهرين بالشرك أو شراً من ذلك وأغلظ . الثالث قل لهم في أنفسهم خالياً بهم مساراَ لهم بالنصيحة فإن النصح بين الملأ تقريع وفي السر أنفع ونجع ، قولاً يؤثر فيهم . وقيل : القول البليغ يتعلق بالوعظ وهو أن يكون كلاماً حسناً وجيز المباني غزير المعاني يدخل الأذن بلا إذن ، مشتملاً على الترغيب والترهيب والإعذار والإنذار .

/خ70