الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَلَهُ ٱلۡجَوَارِ ٱلۡمُنشَـَٔاتُ فِي ٱلۡبَحۡرِ كَٱلۡأَعۡلَٰمِ} (24)

قوله تعالى : " وله الجوار " يعني السفن . " المنشآت في البحر " قراءة العامة " المنشآت " بفتح الشين ، قال قتادة : أي المخلوقات للجري مأخوذ من الإنشاء . وقال مجاهد : هي السفن التي رفع قلعها ، قال : وإذا لم يرفع قلعها فليست بمنشآت . وقال الأخفش : إنها المجريات . وفي الحديث : أن عليا رضي الله عنه رأى سفنا مقلعة ، فقال : ورب هذه الجواري المنشآت ما قتلت عثمان ولا مالأت في قتله . وقرأ حمزة وأبو بكر عن عاصم باختلاف عنه " المنشئات " بكسر الشين أي المنشئات السير ، أضيف الفعل إليها على التجوز والاتساع . وقيل : الرافعات الشرع أي القلع . ومن فتح الشين قال : المرفوعات الشرع . " كالأعلام " أي كالجبال ، والعلم الجبل الطويل ، قال{[14538]} :

إذا قَطَعْنَ علَمًا بدا عَلَمْ

فالسفن في البحر كالجبال في البر ، وقد مضى في " الشورى " بيانه{[14539]} . وقرأ يعقوب " الجواري " بياء في الوقف ، وحذف الباقون .


[14538]:قائله جرير؛ وتمام البيت: *حتى تناهين بنا إلى الحكم* وبعده: خليفة الحجاج غير المتهم * في ضئضئ المجد وبؤبؤ الكرم
[14539]:راجع جـ 16 ص 23.