تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَهُ ٱلۡجَوَارِ ٱلۡمُنشَـَٔاتُ فِي ٱلۡبَحۡرِ كَٱلۡأَعۡلَٰمِ} (24)

الآية 24 وقوله تعالى : { وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام } [ عن إبراهيم ، رحمه الله ، أنه قرأ : المنشئات ]{[20284]} بكسر الشين{[20285]} ، وفسر بعض الناس المنشئات أي ظاهرات السير .

وعن الحسن أنه قرأها بفتح الشين . قال أبو عبيدة ، وبها يقرأ لأن تفسيرها أنها التي رفع قلعها في البحر ، فهي الآن مقلع{[20286]} بها ، فقيل : المنشآت ، وهي المرتفعات [ القلوع ]{[20287]} والتي لم [ ترفع قلوعها ]{[20288]} فليست بمنشآت وقيل : المخلوقات والجواري هي السفن المنشآت .

وقوله تعالى : { كالأعلام } أي هي في البحار كالجبال في البراري . قيل : وهي الأعلام أنفسها .

ثم في هذه الآيات التي ذكرت وجوه من الحكمة وإثبات القدرة لله سبحانه وتعالى .

أحدها : أن من قدر على تسخير البحار وإنشاء ما فيها ، وعلّم إخراج ما فيها الآدميّ واتخاذ السفن وإجراءها في البحار للوصول إلى المنافع التي في البلدان النائية قادر على البعث وغيره .

والثاني : أن لا سبيل إلى معرفة ما في البحار من الأموال واتخاذ السفن وإجرائها في البحار ومعرفة ما وراء البحار من البلدان النائية ، وما فيها إلا بخبر الرسل .

فيقول{[20289]} ، والله أعلم : ما بالكم صدقتم الرسل والأوائل في ما يرجع إلى منافعكم الدنيوية ؟ ولم تصدقوهم في ما يرجع إلى الدين والآخرة من الوعيد .

أو يقول : ما بالكم لا تنكرون شيئا من هذه النعم التي جعلها لكم أنها من الله تعالى ؟ فكيف تنكرون ما أتاكم به الرسل صلى الله عليهم و سلم .

ثم في قوله : { وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام } دلالة نقض قول المعتزلة في إنكارهم خلق أفعال العباد ؛ فإنه أضاف السفن إلى نفسه بقوله : { وله الجوار المنشآت } وقد اتخذها بنو آدم بأفعالهم . فلو لم يكن له في أفعالهم صنعا لكانت السفن لهم لا له ، والله أعلم .


[20284]:من م، ساقطة من الأصل.
[20285]:انظر معجم القراءات القرآنية ج7/49.
[20286]:في الأصل و م: مقلوع.
[20287]:ساقطة من الأصل وم.
[20288]:في الأصل و م: يرتفع قلعها.
[20289]:هذا هو الوجه الثالث.