لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{تَنزِعُ ٱلنَّاسَ كَأَنَّهُمۡ أَعۡجَازُ نَخۡلٖ مُّنقَعِرٖ} (20)

قوله جلّ ذكره : { كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ إِِنَّا أَرْسْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمٍ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ } .

كَذَّبوا هوداً ، فأرسلنا عليهم { رِيحاً صَرْصَراً } أي : باردةً شديدة الهُبوب ، يُسْمَعُ لها صوت .

{ فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ } أي : في يوم شؤم استمرَّ فيه العذابُ بهم ، ودام ذلك فيهم ثمانيةَ أيام وسَبْعَ ليالٍ ، وقيل : دائم الشؤم تنزع رياحُه الناسَ عن حُفَرِهم التي حفروها . حتى صاروا كأنهم أسافلُ نخلٍ مُنْقَطِع . وقيل : كانت الريح تقتلع رؤوسهم عن مناكبهم ثم تُلْقي بهم كأنهم أصول نخلٍ قطعت رؤوسُها .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{تَنزِعُ ٱلنَّاسَ كَأَنَّهُمۡ أَعۡجَازُ نَخۡلٖ مُّنقَعِرٖ} (20)

وقوله تعالى : { تَنزِعُ الناس } يجوز أن يكون صفة للريح وأن يكون حالا منها لأنها وصفت فقربت من المعرفة ، وجوز أن يكون مستأنفاً ، وجيء بالناس دون ضمير عادقيل : ليشمل ذكورهم وإناثهم والنزع القلع ، روي أنهم دخلوا الشعاب والحفر وتمسك بعضهم ببعض فقلعتهم الريح وصرعتهم موتى .

{ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ } أي منقلع عن مغارسه ساقط على الأرض ، وقيل : شبهوا بأعجاز النخل وهي أصولها بلا فروع لأن الريح كانت تقلع رؤوسهم فتبقى أجساداً وجثثاً بلا رؤوس ، ويزيد هذا التشبيه حسناً أنهم كانوا ذوي جثث عظام طوال ، والنخل اسم جنس يذكر نظراً للفظ كما هنا ويؤنث نظراً للمعنى كما في قوله تعالى : { أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } [ الحاقة : 2 ] واعتبار كل في كل من الموضعين للفاصلة ، والجملة التشبيهية حال من الناس وهي حال مقدرة ، وقال الطبري : في الكلام حذف والتقدير فتركتهم كأنهم الخ ، فالكاف على ما في البحر في موضع نصب بالمحذوف وليس بذاك وقرأ أبو نهيك أعجز على وزن أفعل نحو ضبع وأضبع .