لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{لَوۡ أَنزَلۡنَا هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ عَلَىٰ جَبَلٖ لَّرَأَيۡتَهُۥ خَٰشِعٗا مُّتَصَدِّعٗا مِّنۡ خَشۡيَةِ ٱللَّهِۚ وَتِلۡكَ ٱلۡأَمۡثَٰلُ نَضۡرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ} (21)

قوله جل ذكره : { لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَّصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } .

أي لو كان للجبلِ عقلٌ وصلاحُ فِكْرٍ وسِرٍّ ، وأنزلنا عليه هذا القرآن لخَضَعَ وخَشَعَ . ويجوز أن يكون على جهة ضرب المثل كما قال : { تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ } [ مريم : 90 ] ويدل عليه أيضاً قوله :{ وتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ } ليعقلوا ويهتدوا ، أي بذلك أمَرْناهم ، والمقصود بيان قسوة قلوبهم عند سماع القرآن .

ويقال : ليس هذا الخطابُ على وَجْهِ العتابِ معهم ، بل هو سبيل المدح وبيان تخصيصه إيَّاهم بالقوة ؛ فقال : { لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ } لم يُطِقْ ولخَشَع - وهؤلاء خَصَصْتُهم بهذه القوة حتى أطاقوا سماع خطابي .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{لَوۡ أَنزَلۡنَا هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ عَلَىٰ جَبَلٖ لَّرَأَيۡتَهُۥ خَٰشِعٗا مُّتَصَدِّعٗا مِّنۡ خَشۡيَةِ ٱللَّهِۚ وَتِلۡكَ ٱلۡأَمۡثَٰلُ نَضۡرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ} (21)

{ لَوْ أَنزَلْنَا هذا القرءان } العظيم الشأن المنطوي على فنون القوارع { على جَبَلٍ } من الجبال أو جبل عظيم { لَّرَأَيْتَهُ } مع كونه علماً في القسوة وعدم التأثر مما يصادمه { خاشعا مُّتَصَدّعاً مّنْ خَشْيَةِ الله } أي متشققاً منها .

وقرأ أبو طلحة مصدعاً بإدغام التاء في الصاد ، وهذا تمثيل وتخييل لعلو شأن القرآن وقوة تأثير ما فيه من المواعظ والزواجر ، والغرض توبيخ الإنسان على قسوة قلبه وقلة تخشعه عند تلاوة القرآن وتدبر ما فيه من القوارع وهو الذي لو أنزل على جبل وقد ركب فيه العقل لخشع وتصدع ، ويشير إلى كونه تمثيلاً قوله تعالى : { وَتِلْكَ الامثال نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } فإن الإشارة فيه إلى قوله تعالى : { لَوْ أَنزَلْنَا } الخ وإلى أمثاله ، فالكلام بتقدير وقوع تلك ، أو المراد تلك وأشباهها والأمثال في الأغلب تمثيلات متخيلة .