لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ لَهُ ٱلۡمُلۡكُ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (1)

مقدمة السورة:

قوله جل ذكره : { بسم الله الرحمان الرحيم } .

" بسم الله " كلمة عزيزة من ذكرها يحتاج إلى لسان عزيز في الغيبة لا يبتذل ، وفي ذكر الأغيار لا يستعمل . ومن عرفها يحتاج إلى قلب عزيز ليس في كل ناحية منه خليط ، ولا في كل زاوية زبيط .

قوله جل ذكره : { يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرُ } .

المخلوقاتُ كلُّها بجملتها لله سبحانه مُسَبِّحةٌ . . ولكن لا يَسْمَعُ تسبيحَها مَنْ به طَرَشُ النكرة .

ويقال : الذي طَرَأَ صَمَمُه فقد يُرْجَى زواله بنوعِ معالجة ، أمَّا مَنْ يولَدُ أصَمَّ فلا حيلةَ في تحصيل سماعه . قال تعالى : { فإنك لا تسمع الموتى } [ الروم : 52 ] وقال تعالى :

{ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ } [ الأنفال : 23 ] .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ لَهُ ٱلۡمُلۡكُ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (1)

مقدمة السورة:

سورة التغابن

مدنية في قول الأكثرين وعن ابن عباس وعطاء بن يسار أنها مكية إلا آيات من آخرها ( يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم ) الخ وعدد آيها تسع عشرة آية بلا خلاف ومناسبتها لما قبلها أنه سبحانه ذكر هناك حال المنافقين وخاطب بعد المؤمنين وذكر جل وعلا هنا تقسيم الناس إلى مؤمن وكافر وأيضا في آخر تلك ( لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم ) وفي هذه ( إنما أموالكم وأولادكم فتنة ) وهذه الجملة على ما قيل : كالتعليل لتلك وأيضا في ذكر التغابن نوع حث على الإنفاق قبل الموت المأمور به فيما قبل واستنبط بعضهم عمر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا وستين من قوله تعالى في تلك السورة : ( ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها ) فإنها رأس ثلاث وستين سورة وعقبها سبحانه بالتغابن ليظهر التغابن في فقده عليه الصلاة والسلام .

بسم الله الرحمن الرَّحيم { يُسَبّحُ لِلَّهِ مَا في السموات وَمَا فِي الأرض } أي ينزهه سبحانه وتعالى جميع المخلوقات عما لا يليق بجناب كبريائه سبحانه تسبيحاً مستمراً ، وذلك بدلالتها على كمال عز وجل واستغنائه تعالى ، والتجدد باعتبار تجدد النظر في وجوه الدلالة على ذلك { لَهُ الملك وَلَهُ الحمد } لا لغيره تعالى إذ هو جل شأنه المبدئ لكل شيء وهو القائم به والمهيمن عليه وهو عز وجل المولي لأصول النعم وفروعها وأما ملك غيره سبحانه فاسترعاء منه تعالى وتسليط ، وأما حمد غيره تبارك وتعالى فلجريان إنعامه تعالى على يده فكلا الأمرين له تعالى في الحقيقة ولغيره بحسب الصورة ، وتقديم { لَهُ الملك } لأنه كالدليل لما بعده { وَهُوَ على كُلّ شَىْء قَدِيرٌ } لأن نسبة ذاته جل شأنه المقتضية للقدة إلى الكل سواء فلا يتصور كون بعض مقدوراً دون بعض .