قوله جلّ ذكره : { وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ } .
( أي إذا دَعَوْه استجابَ لهم ) بعظيم الثواب في الآخرة .
{ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ } يقول المفسرون من أهل السُّنَّة في هذه الزيادة إنها الرؤية .
ذَكَرَ التوبة وأهلها ، وذكر العاصين بوصفهم ، ثم ذكر المطيعين الذين آمنوا وعملوا الصالحات . . . فلمَّا وصل إلى الزيادة - التي هي الرؤية - قال : " ويزيدهم " على الجمع ؛ والكناية إذا تَلَتْ مذكوراتٍ رجعت إليها جميعاً ؛ فيكون المعنى أن الطاعاتِ في مقابلها الدرجات ، وتكون بمقدارها في الزيادة والنقصان ، وأَمَّا الرؤية فسبيلها الزيادة والفضل . . . والفضلُ ليس فيه تمييز .
ويقال : لمَّا ذكر أنَّ التائبين تُقْبَلُ توبتُهم ، ومَنْ لم يَتُبْ غفر زلَّته ، وأنَّ المطيعين لهم الجنة . . فلربما خَطَرَ ببالِ أَحَدٍ : وإذاً فهذه النارُ لِمَنْ هي ؟ ! فقال جل ذكره .
{ وَالْكَافِرُون لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } .
فالعصاةُ من المؤمنين لهم عذابٌ . . أمَّا الكافرون فلهم عذابٌ شديدٌ ؛ لأنَّ دليلَ الخطاب يقتضي هذا وذاك ؛ يقتضي أن المؤمنين لهم عذابٌ . . ولكنْ ليس بشديد ، وأمَّا عذابُ الكافرين فشديدٌ .
ويقال : إن لم يَتُبْ العبدُ خوفاً من النار ، ولا طمعاً في الجنة لَكَان من حقِّه أن يتوب ليَقْبَلَ الحقُّ - سبحانه .
ويقال إن العاصي يكون أبداً منكسرَ القلب ، فإذا عَلِمَ أن اللَّهَ يَقْبَلُ الطاعة من المطيعين يتمنى أَنْ ليت له طاعةً مُيَسَّرَةً ليقبلَها ، فيقول الحقُّ : عبدي ، إنْ لم تَكُنْ لك طاعةٌ تصلح للقبول فَلكَ توبةٌ إنْ أتيْتَ بها تصلح لقبولها .
فالله تعالى ، دعا جميع العباد إلى الإنابة إليه والتوبة من التقصير ، فانقسموا -بحسب الاستجابة له- إلى قسمين : مستجيبين وصفهم بقوله { وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ }
أي : يستجيبون لربهم لما دعاهم إليه وينقادون له ويلبون دعوته ، لأن ما معهم من الإيمان والعمل الصالح يحملهم على ذلك ، فإذا استجابوا له ، شكر الله لهم ، وهو الغفور الشكور .
وزادهم من فضله توفيقا ونشاطا على العمل ، وزادهم مضاعفة في الأجر زيادة عن ما تستحقه أعمالهم من الثواب والفوز العظيم .
وأما غير المستجيبين للّه وهم المعاندون الذين كفروا به وبرسله ، ف { لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } في الدنيا والآخرة .
قوله : { وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } { الذين } في موضع نصب على أنه مفعول يستجيب ؛ أي ويستجيب الله للذين آمنوا ؛ أي يجيب لهم{[4106]} .
والمعنى : أن الله يستجيب الدعاء للذين آمنوا وعملوا الصالحات وقيل : يستجيب لهم الدعاء لأنفسهم ولأصحابهم ولإخوانهم ؛ أي يجيب دعاء المؤمنين بعضهم لبعض .
قوله : { وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ } أي يعطيهم الله من حسن الجزاء ما لم يسألوه وقيل : يعطيهم الشفاعة في إخوانهم ، وإخوان إخوانهم .
وروي عن عبد الله ( رضي الله عنه ) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى { وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ } قال : " الشفاعة لمن وجبت لهم النار ، ممن صنع إليهم معروفا في الدنيا " .
قوله : { وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } ذلك وعيد من الله للكافرين المكذبين الذين تولوا معرضين عن دين الله وعن منهج الحق ، فأولئك لهم عذاب من الله موجع يوم القيامة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.