السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَيَسۡتَجِيبُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضۡلِهِۦۚ وَٱلۡكَٰفِرُونَ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدٞ} (26)

ولما رغب بالعفو زاد بالإكرام فقال تعالى : { ويستجيب } أي : يوجد بغاية العناية والطلب إجابة { الذين آمنوا } أي : دعاء الذين أقروا بالإيمان في كل ما دعوا به أو شفعوا عنده فيه لأنه لولا إرادته لهم الإكرام بالإيمان ما آمنوا ، وعدي الفعل بنفسه ولم يقل : { ويستجيب للذين آمنوا } تنبيهاً على زيادة بره لهم ووصلهم به { وعملوا } تصديقاً لدعواهم الإيمان { الصالحات } فيثيبهم النعيم المقيم { ويزيدهم } أي : مع ما دعوا به لما لم يدعوا به ولم يخطر على قلوبهم { من فضله } أي : تفضلاً منه عليهم ويجوز أن يكون الموصول فاعلاً أي : يجيبون ربهم إذا دعاهم كقوله تعالى : { استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم } ( الأنفال : 24 ) واستجاب كأجاب ومنه :

وداع دعا يا من يجيب إلى الندا *** فلم يستجبه عند ذلك مجيب

وقال عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما : معناه ويثيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله سوى ثواب أعمالهم تفضلاً منه ، وروى أبو صالح عنه : «يشفعهم ويزيدهم من فضله » قال : في إخوان إخوانهم ثم أتبع المؤمنين بذكر ضدهم فقال تعالى { والكافرون } أي : العريقون في هذا الوصف القاطع الذين منعتهم عراقتهم من التوبة والإيمان { لهم عذاب شديد } بدل ما للمؤمنين من الثواب والتفضيل ولا يجيب دعاءهم وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ، فالآية من الاحتباك ذكر الاستجابة أولاً دليلاً على ضدها ثانياً والعذاب ثانياً دليلاً على ضده أولاً .