لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{ظَهَرَ ٱلۡفَسَادُ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ بِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِي ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعۡضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (41)

قوله جل ذكره : { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } .

الإشارة من البرّ إلى النَّفْسِ ، ومن البحر إلى القلب .

وفسادُ البرّ بأَكْل الحرام وارتكاب المحظورات ، وفسادُ البحر من الغفلة والأوصاف الذميمة مثل سوء العزم والحسد والحقد وإرادة الشَّر والفِسْقِ . . وغير ذلك . وعَقْدُ الإصرارِ على المخالفاتِ من أعظمِ فسادِ القلب ، كما أَنَّ العَزْمَ على الخيرات قبل فِعْلها من أعظم الخيرات .

ومن جملة الفساد التأويلاتُ بغير حقِّ ، والانحطاطُ إلى الرُّخَصِ في غير قيامٍ بِجَدٍ ، والإغراق في الدعاوَى من غير استحياءٍ من الله تعالى .

{ لِيُذِقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } : بعض الذي عملوا من سقوط تعظيم الشرع من القلب ، وعدم التأسُّف على ما فاته من الحقِّ .