قول عز وجل : { ظَهَرَ الفساد فِي البر والبحر } يعني : قحط المطر ، ونقص الثمار للناس والدواب . يعني : نقص النبات في البر للدواب والوحوش ؛ وفي { البحر } يعني : القرى والأرضين ينقصان الثمار والزرع . سمى القرى والمدائن بحراً لما يجري فيها من الأنهار ، ويقال : البحر نفسه لأنه إذا لم يكن مطر ، فإنه لا يخرج منه اللؤلؤ { بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي الناس } يعني : بما عملوا من المعاصي . ويقال : من أذنب ذنباً فجميع الخلق من الإنس والجن ، والدواب والوحوش ، والطير والذر ، خصماؤه يوم القيامة ، لأنه يمنع المطر بالمعصية ، فيضرّ بأهل البر والبحر .
وذكر عن شفيق الزاهد أنه قال : من أكل الحرام ، فقد خان جميع الناس ، حيث لا يستجاب دعاؤه . ويقال : { ظَهَرَ الفساد فِي البر والبحر } يعني : ظهرت المعاصي في البر والبحر { بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي الناس } يعني : بكسب الناس . فأول فساد البر كان من قابيل حيث قتل أخاه هابيل ، وأول فساد البحر كان من جلندا حيث كان يأخذ كل سفينة غصباً . وقال عطية العوفي : ظهور الفساد قحوط المطر . قيل له : هذا فساد البر فما فساد البحر ؟ قال : إذا قلّ المطر قلّ الغوص . وقال قتادة { ظَهَرَ الفساد فِي البر والبحر } يعني : امتلأت الضلالة والظلم في الأرض . وروي عن أبي العالية أنه قال البر : الأعضاء ، والبحر : القلوب ، يعني : ظهر الفساد في الناس في الأعضاء وفي القلوب .
ثم قال : { لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الذي عَمِلُواْ } يعني :يعذبهم ببعض ذنوبهم في الدنيا ، ويّدخر البعض في الآخرة . والذوق إنما هو كناية عن التعذيب . فكأنه يقول : يعذبهم بالجوع والقحط في الدنيا { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } أي : لكي يرجعوا عن الكفر . قرأ ابن كثير : { لنُذِيقَهُمْ } بالنون يعني : لنذيقهم نحن . وقرأ الباقون : بالياء يعني : ليذيقهم الله عز وجل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.