فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{ظَهَرَ ٱلۡفَسَادُ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ بِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِي ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعۡضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (41)

{ ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس } بدا وفشا المحق ، وذهاب البركة ، وضنك المعايش ، والتظالم في الماء واليابسة ، بسبب شرك الناس وبغيهم ، وعد الله لا يخلف الله وعده : )وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون( {[3363]} ، ولقد بين القرآن الكريم عظم ما يقترف المشركون ، فجاء في آيات كريمة : )وقالوا اتخذ الرحمان ولدا . لقد جئتم شيئا إدّا . تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدّا( {[3364]} ، ويقول ربنا العلي العظيم : )ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء و الأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون( {[3365]} ، { ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون } يمسهم منا عذاب يسير قبل عذاب السعير ، عسى أن يزدجروا فيعودوا إلى الإيمان والطاعة من قبل أن يدركهم سوء المصير ، وهي سنة الله التي لا تتبدل ، يقول المولى- تبارك اسمه- : )وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون( {[3366]} ، ووعد من الله تعالى لا يخلف : )ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون( {[3367]} .


[3363]:سورة النحل. الآية 112
[3364]:سورة مريم. الآيات88، 89، 90.
[3365]:سورة الأعراف. الآية 96.
[3366]:سورة الأعراف. الآية 94، يقول علماء القرآن: وكأن في الكلام محذوفا مقدرا: أي من نبي كذبوه إلا أخذنا أهلها بالبلاء في أنفسهم وأموالهم.
[3367]:سورة السجدة. الآية 21.