الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ظَهَرَ ٱلۡفَسَادُ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ بِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِي ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعۡضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (41)

ثم قال تعالى : { ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس } أي : ظهرت المعاصي لله في الأرض وبحرها بذنوب الناس .

قال مجاهد وعكرمة : البحر هنا الأمصار ، والبر : الفلوات ، ظهرت / فيها معاصي ابن آدم {[54797]} .

وقال قتادة : هذا قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، امتلأت الدنيا ضلالة وظلمة ، فلما بعث النبي عليه السلام رجع راجعون من الناس ، قال أما البر فأهل العمود أما البحر فأهل القرى والريف {[54798]} .

والتقدير على هذه الأقاويل : ظهر الفساد في مواضع البر والبحر .

وقيل : المعنى ظهر الفساد في مدن البر ومدن البحر .

والفساد : الجدب {[54799]} بذنوب بني آدم .

وقيل : الفساد ظهور المعاصي فيها وقطع السبيل والظلم .

وعن مجاهد : أن البر القرى والأمصار ، والبحر بحر الماء المعروف قال : في البر : ابن آدم الذي قتل أخاه ، وفي البحر : الذي كان يأخذ كل سفينة غصبا {[54800]} .

وهو قول ابن أبي نجيح {[54801]} {[54802]} .

وقال قتادة : الفساد الشرك .

وعن ابن عباس أنه قال : الفساد نقصان البركة بأعمال العباد حتى يتوبوا .

فالمعنى على هذا : ظهر الجدب في البر والبحر ، وظهور الفساد في البحر انقطاع مادة صيده وذلك بذنوب بني آدم {[54803]} .

وقال الحسن : أفسد الله بذنوبهم بر الأرض وبحرها بأعمالهم الخبيثة لعلهم يرجعون {[54804]} ، أي : يرجع من يأتي بعدهم .

ثم قال تعالى : { ليذيقهم بعض الذي عملوا } أي : ليصيبهم بعقوبة بعض ذنوبهم .

{ لعلهم يرجعون } أي : ينيبون إلى ترك المعاصي ويتوبون .


[54797]:انظر: جامع البيان 21/49، وتفسير ابن كثير 3/436 والدر المنثور 6/497
[54798]:انظر: جامع البيان 21/49، والجامع للقرطبي 14/41، وتفسير ابن القيم 407
[54799]:الجدب: نقيض الخصب وهو القحط وأجدب القوم: أصابهم الجدب انظر: مادة "جدب" في الصحاح 1/97 واللسان 1/256
[54800]:انظر: جامع البيان 21/49، وتفسير سفيان الثوري 237، والكشف والبيان 6/44، وزاد المسير 6/305، وتفسير البغوي 5/210، والمحرر الوجيز 12/265، والدر المنثور 6/497، وفتح القدير 4/228، وروح المعاني 21/47، وتفسير مجاهد 539
[54801]:هو عبد الله بن أبي نجيح بن يسار المكي أبو يسار الثقفي مولاهم أخذ عن مجاهد وعطاء، وهو من الأئمة الثقات وكان يتهم بالقدر. انظر: ميزان الاعتدال 2/515، وطبقات المفسرين 1/258، 245.
[54802]:انظر: جامع البيان 21/49، وتفسير ابن كثير 3/436، والبحر المحيط 7/176
[54803]:انظر: المحرر الوجيز 12/265، والجامع للقرطبي 14/40
[54804]:انظر: جامع البيان 21/49، والمحرر الوجيز 12/256، والدر المنثور 6/497