لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{إِنۡ هِيَ إِلَّآ أَسۡمَآءٞ سَمَّيۡتُمُوهَآ أَنتُمۡ وَءَابَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَٰنٍۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَمَا تَهۡوَى ٱلۡأَنفُسُۖ وَلَقَدۡ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلۡهُدَىٰٓ} (23)

قوله جلّ ذكره : { إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِن رَّبِهِمُ الهُدَى } .

أنتم ابتدعتُم هذه الأسماءَ من غير أنْ يكونَ اللَّهُ أَمَركم بهذا ، أو أذِن لكم به .

فأنتم تتبعون الظنَّ ، { وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً } .

{ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهمُ الْهُدَى } : فأعرضوا عنه ، وكما أنَّ ظنَّ الكفار أوْجبَ لهم الجهلَ والحَيْرةَ والحُكْمَ بالخطأ - فكذلك في هذه الطريقة : مَنْ عَرَّجَ على أوصاف الظنِّ لا يَحْظَى بشيءٍ من الحقيقة ؛ فليس في هذا الحديث إلا القطعُ والتحقُّق ، فنهارُهم قد مَتَعَ ، وشمسُهم قد طلعت ، وعلومُهم أكثرها صارت ضرورية .

أمَّا الظنُّ الجميلُ بالله فليس من هذا الباب ، والتباسُ عاقبةَ الرجلِ عليه ليس أيضاً من هذه الجملة ذات الظن المعلول في الله ، وفي صفاته وأحكامه .