ثم ردّ سبحانه عليهم بقوله : { إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَءَابَآؤُكُم } أي ما الأوثان أو الأصنام باعتبار ما تدعونه من كونها آلهة إلاّ أسماء محضة ، ليس فيها شيء من معنى الألوهية التي تدعونها ، لأنها لا تبصر ولا تسمع ولا تعقل ولا تفهم ولا تضر ولا تنفع ، فليست إلاّ مجرّد أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ، قلد الآخر فيها الأول ، وتبع في ذلك الأبناء الآباء . وفي هذا من التحقير لشأنها ما لا يخفى كما تقول في تحقير رجل : ما هو إلاّ اسم إذا لم يكن مشتملاً على صفة معتبرة ، ومثل هذه الآية قوله تعالى : { مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا } [ يوسف : 40 ] يقال : سميته زيداً وسميته بزيد ، فقوله : { سميتموها } صفة لأصنام ، والضمير يرجع إلى الأسماء لا إلى الأصنام : أي جعلتموها أسماء لا جعلتم لها أسماء . وقيل : إن قوله : { هِيَ } راجع إلى الأسماء الثلاثة المذكورة ، والأوّل أولى { مَّا أَنزَلَ الله بِهَا مِن سلطان } أي ما أنزل بها من حجة ولا برهان . قال مقاتل : لم ينزل لنا كتاباً لكم فيه حجة كما تقولون : إنها آلهة ، ثم أخبر عنهم بقوله : { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن } أي ما يتبعون فيما ذكر من التسمية والعمل بموجبها إلاَّ الظنّ الذي لا يغني من الحق شيئًا ، والتفت من الخطاب إلى الغيبة إعراضاً عنهم وتحقيراً لشأنهم ، فقال : { وَمَا تَهْوَى الأنفس } أي تميل إليه وتشتهيه من غير التفات إلى ما هو الحق الذي يجب الإتباع له . قرأ الجمهور { يتبعون } بالتحتية على الغيبة ، وقرأ عيسى بن عمر وأيوب وابن السميفع بالفوقية على الخطاب ، ورويت هذه القراءة عن ابن مسعود وابن عباس وطلحة وابن وثاب { وَلَقَدْ جَاءهُم مّن رَّبّهِمُ الهدى } أي البيان الواضح الظاهر بأنها ليست بآلهة ، والجملة في محل نصب على الحال من فاعل يتبعون ، ويجوز أن يكون اعتراضاً ، والأوّل أولى . والمعنى : كيف يتبعون ذلك والحال أن قد جاءهم ما فيه هدًى لهم من عند الله على لسان رسوله الذي بعثه الله بين ظهرانيهم وجعله من أنفسهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.