في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا لَعِبٞ وَلَهۡوٞۚ وَإِن تُؤۡمِنُواْ وَتَتَّقُواْ يُؤۡتِكُمۡ أُجُورَكُمۡ وَلَا يَسۡـَٔلۡكُمۡ أَمۡوَٰلَكُمۡ} (36)

32

( إنما الحياة الدنيا لعب ولهو . وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ، ولا يسألكم أموالكم ) . .

والحياة الدنيا لعب ولهو حين لا يكون وراءها غاية أكرم وأبقى . حين تعاش لذاتها مقطوعة عن منهج الله فيها . ذلك المنهج الذي يجعلها مزرعة الآخرة ؛ ويجعل إحسان الخلافة فيها هو الذي يستحق وراثة الدار الباقية . وهذا هو الذي تشير إليه الفقرة التالية في الآية : ( وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ) . . فالإيمان والتقوى في الحياة الدنيا هو الذي يخرجها عن أن تكون لعبا ولهوا ؛ ويطبعها بطابع الجد ، ويرفعها عن مستوى المتاع الحيواني ، إلى مستوى الخلافة الراشدة ، المتصلة بالملأ الأعلى . ويومئذ لن يكون ما يبذله المؤمن المتقي من عرض هذه الحياة الدنيا ضائعا ولا مقطوعا ؛ فعنه ينشأ الأجر الأوفى ، في الدار الأبقى . . ومع هذا فإن الله لا يسأل الناس أن يبذلوا أموالهم كلها ، ولا يشق عليهم في فرائضه وتكاليفه ، لعلمه سبحانه بشح نفوسهم فطرة وخلقة . وهو لا يكلف نفسا إلى وسعها وهو أرحم بهم من أن يكلفهم بذلها كلها ، فتضيق صدورهم وتظهر أضغانهم :

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا لَعِبٞ وَلَهۡوٞۚ وَإِن تُؤۡمِنُواْ وَتَتَّقُواْ يُؤۡتِكُمۡ أُجُورَكُمۡ وَلَا يَسۡـَٔلۡكُمۡ أَمۡوَٰلَكُمۡ} (36)

{ إِنَّمَا الحياة الدنيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ } لا ثبات لها ولا اعتداد بها { وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ } أي ثواب إيمانكم وتقواكم من الباقيات الصالحات التي يتنافس فيها المتنافسون { وَلاَ يَسْئَلْكُمْ } عطف على الجزاء والإضافة للاستغراق ، والمعنى إن تؤمنوا لا يسألكم جميع أموالكم كما يأخذ من الكافر جميع ماله ، وفيه مقابلة حسنة لقوله تعالى : { يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ } كأنه قيل : يعطكم كل الأجور ويسألكم بعض المال وهو ما شرعه سبحانه من الزكاة ، وقول سفيان بن عيينة أي لا يسألكم كثيراً من أموالكم إنما يسألكم ربع العشر فطيبوا أنفسكم بيان لحاصل المعنى ، وقيل : أي لا يسألكم ما هو مالكم حقيقة وإنما يسألكم ماله عز وجل وهو المالك لها حقيقة وهو جل شأنه المنعم عليكم بالانتفاع بها ، وقيل : أي لا يسألكم أموالكم لحاجته سبحانه إليها بل ليرجع إنفاقكم إليكم ، وقيل : أي لا يسألك الرسول صلى الله عليه وسلم شيئاً من أموالكم أجراً على تبليغ الرسالة كما قال تعالى : { قُلْ مَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ المتكلفين } [ ص : 86 ] ووجه العليق عليها غير ظاهر وفي بعضها أيضاً ما لا يخفى .

 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا لَعِبٞ وَلَهۡوٞۚ وَإِن تُؤۡمِنُواْ وَتَتَّقُواْ يُؤۡتِكُمۡ أُجُورَكُمۡ وَلَا يَسۡـَٔلۡكُمۡ أَمۡوَٰلَكُمۡ} (36)

{ إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ ( 36 ) إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ ( 37 ) }

إنما الحياة الدنيا لعب وغرور . وإن تؤمنوا بالله ورسوله ، وتتقوا الله بأداء فرائضه واجتناب معاصيه ، يؤتكم ثواب أعمالكم ، ولا يسألْكم إخراج أموالكم جميعها في الزكاة ، بل يسألكم إخراج بعضها .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا لَعِبٞ وَلَهۡوٞۚ وَإِن تُؤۡمِنُواْ وَتَتَّقُواْ يُؤۡتِكُمۡ أُجُورَكُمۡ وَلَا يَسۡـَٔلۡكُمۡ أَمۡوَٰلَكُمۡ} (36)

ثم حض على طلب الآخرة فقال :{ إنما الحياة الدنيا لعب ولهو } باطل وغرور ، { وإن تؤمنوا وتتقوا } الفواحش ، { يؤتكم أجوركم } جزاء أعمالكم في الآخرة ، { ولا يسألكم } ربكم ، { أموالكم } لإيتاء الأجر بل يأمركم بالإيمان والطاعة ليثيبكم عليها الجنة ، نظيره قوله : { ما أريد منهم من رزق } ( الذاريات-57 ) ، وقيل : لا يسألكم محمد أموالكم ، نظيره : { قل ما أسألكم عليه من أجر }( ص-86 ) . وقيل : معنى الآية : لا يسألكم الله ورسوله أموالكم كلها في الصدقات ، إنما يسألانكم غيضاً من فيض ، ربع العشر فطيبوا بها نفساً وقروا بها عينا . وإلى هذا القول ذهب ابن عيينة ، يدل عليه سياق الآية : { إن يسألكموها فيحفكم } .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا لَعِبٞ وَلَهۡوٞۚ وَإِن تُؤۡمِنُواْ وَتَتَّقُواْ يُؤۡتِكُمۡ أُجُورَكُمۡ وَلَا يَسۡـَٔلۡكُمۡ أَمۡوَٰلَكُمۡ} (36)

قوله تعالى : { إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسئلكم أموالكم 36 إن يسئلكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم 37 هاأنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم مّن يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم } .

يبين الله لعباده هوان الدنيا ليحذرهم الاغترار بها أو التلهي بمتاعها الفاني ، فإن الدنيا بما فيها من زينة وأموال ومباهج ، كل ذلك صائر إلى زوال وحطام . وهو قوله : { إنما الحياة الدنيا لعب ولهو } ليست الدنيا بزينتها وزخرفها وخيراتها غير لهو يتلهى به الناس وهم ساهون تائهون ، وغير لعب يتفنن في التلبس به الغافلون السادرون في الضلالة والعماية والهوى .

قوله : { وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتيكم أجوركم } يعني إن تؤمنوا بالله ورسله واليوم الآخر وتجتنبوا الكفر والمعاصي يؤتكم جزاء ذلك خيرا وثوابا .

قوله : { ولا يسألكم أموالكم } الله غني عن أموالكم فلا يطلبها منكم أجرا على تبليغ الرسالة . وقيل : لا يأمركم بإخراج أموالكم كلها . بل يأمركم بإخراج القليل منها وهي الزكاة . والمعنى الأول أظهر .