في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَدۡخِلۡ يَدَكَ فِي جَيۡبِكَ تَخۡرُجۡ بَيۡضَآءَ مِنۡ غَيۡرِ سُوٓءٖۖ فِي تِسۡعِ ءَايَٰتٍ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَقَوۡمِهِۦٓۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَوۡمٗا فَٰسِقِينَ} (12)

والآن وقد اطمأن موسى وقر ، يجهزه ربه بالمعجزة الثانية ، قبل أن يكشف له عن جهة الرسالة ووجهة التكليف :

( وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء ) . .

وكان هذا . وأدخل موسى يده في فتحة ثوبه - وهي جيبه - فخرجت بيضاء مشرقة لا عن مرض ، ولكن عن معجزة . ووعده ربه أن يؤيده بتسع آيات من هذا النوع الذي شاهد منه اثنتين ؛ وكشف له حينئذ عن وجهته التي من أجلها دعاه وجهزه ورعاه !

( في تسع آيات إلى فرعون وقومه . إنهم كانوا قوما فاسقين ) . .

ولم يعدد هنا بقية هذه الآيات التسع ، التي كشف عنها في سورة الأعراف . وهي سنون الجدب ، ونقص الثمرات ، الطوفان ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم . لأن التركيز هنا على قوة الآيات لا على ماهيتها . وعلى وضوحها وجحود القوم لها :

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَأَدۡخِلۡ يَدَكَ فِي جَيۡبِكَ تَخۡرُجۡ بَيۡضَآءَ مِنۡ غَيۡرِ سُوٓءٖۖ فِي تِسۡعِ ءَايَٰتٍ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَقَوۡمِهِۦٓۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَوۡمٗا فَٰسِقِينَ} (12)

عطف على قوله : { وألق عصاك } [ النمل : 10 ] وما بينهما اعتراض ، بعد أن أراه آية انقلاب العصا ثعباناً أراه آية أخرى ليطمئن قلبه بالتأييد ، وقد مضى في « طه » التصريح بأنه أراه آية أخرى . والمقصود من ذلك أن يعجل له ما تطمئن له نفسه من تأييد الله تعالى إياه عند لقاء فرعون .

وقوله : { في تسع آيات } حال من { تخرج بيضاء } أي حالة كونها آية من تسع آيات ، و { إلى فرعون } صفة لآيات ، أي آيات مسوقة إلى فرعون . وفي هذا إيذان بكلام محذوف إيجازاً وهو أمر الله موسى بأن يذهب إلى فرعون كما بيّن في سورة الشعراء .

والآيات هي : العصا ، واليَد ، والطوفان ، والجراد ، والقُمَّل ، والضفادع ، والدم ، والقحط ، وانفلاق البحر وهو أعظمها ، وقد عدّ بعضها في سورة الأعراف . وجمعها الفيروزآبادي في بيت ذكره في مادة ( تسع ) من « القاموس » وهو :

عصاً سَنَةٌ بحر جراد وقُمَّل *** يَدٌ ودَمٌ بعدَ الضفادع طُوفان