فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَأَدۡخِلۡ يَدَكَ فِي جَيۡبِكَ تَخۡرُجۡ بَيۡضَآءَ مِنۡ غَيۡرِ سُوٓءٖۖ فِي تِسۡعِ ءَايَٰتٍ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَقَوۡمِهِۦٓۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَوۡمٗا فَٰسِقِينَ} (12)

{ وادخل يدك في جيبك } المراد بالجيب هو المعروف ، أي طوق القميص سمي جيبا لأنه يجاب ، أي : يقطع ليدخل فيه الرأس . وفي القصص { أسلك يدك في جيبك } وفي ( أدخل ) من المبالغة ما لم يكن في ( أسلك ) ولم يأمر بإدخالها في كمه لأنه كان عليه مدرعة صغيرة من صوف لا كم لها . وقيل : كان لها كم قصير ، عن ابن عباس قال : كانت على موسى جبة من صوف لا تبلغ مرفقيه ، فقال له ادخل يدك في جيبك فأدخلها .

{ تخرج } خلاف لونها من الأدمة { بيضاء من غير سوء } أي من غير برص أو نحوه من الآفات فهو احتراس . وقيل : في الكلام حذف تقديره : أدخل يدك تدخل ، وأخرجها تخرج ، ولا حاجة إلى هذا الحذف ، ولا ملجئ إليه . قال المفسرون : وكانت على موسى مدرعة من صوف لا كم لها ولا أزرار ، فأدخل يده في جيبه وأخرجها ، فإذا هي تبرق كالبرق لها شعاع يغشي البصر .

{ في تسع آيات } قال أبو البقاء : هو في محل نصب على الحال من فاعل ( تخرج ) وفيه بعد . وقيل : متعلق بمحذوف أي : اذهب في تسع آيات وقيل : متعلق بقوله : ألق عصاك وأدخل يدك ، في جملة تسع آيات : وقيل : المعنى فيهما آيتان من تسع ، يعني العصا واليد فتكون الآيات إحدى عشرة ، هاتان والفلق ، والطوفان ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم ، والطمس والجدب في بواديهم ، والنقصان في مزارعهم ، قال النحاس : أحسن ما قيل فيه : إن هذه الآية يعني اليد داخلة في تسع آيات ، وكذا قال المهدوي والقشيري .

قال الزجاج والقشيري : تقول خرجت في عشرة نفر وأنت أحدهم أي : خرجت عاشر عشرة ف ( في ) بمعنى من ، لقربها منها كما تقول : خذ لي عشرا من الإبل فيها فحلان ، أي منها . وقيل : في بمعنى مع اليد والعصا خارجتان من التسع ، وكذا فعل ابن عطية .

{ إلى فرعون وقومه } قال الفراء : في الكلام إضمار ، أي : إنك مبعوث أو مرسل إلى فرعون وقومه ، وكذا الزجاج .

{ إنهم كانوا قوما فاسقين } تعليل لما قبله من المقدر ، أي خارجين عن الحدود في الكفر والعدوان .