فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَأَدۡخِلۡ يَدَكَ فِي جَيۡبِكَ تَخۡرُجۡ بَيۡضَآءَ مِنۡ غَيۡرِ سُوٓءٖۖ فِي تِسۡعِ ءَايَٰتٍ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَقَوۡمِهِۦٓۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَوۡمٗا فَٰسِقِينَ} (12)

{ وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء في تسع آيات إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوما فاسقين12 فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين13 وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين14 } .

وكأن الواو عطفت على محذوف تقديره : فعاد موسى ، وعادت العصا سيرتها الأولى ، وأمر أن يأخذها ، وأمر أن يدخل يده في جيب قميصه- فتحة الثوب مما حول العنق ، ومدخل الرأس منه المفتوح إلى الصدر- فخرجت بيضاء دون علة برص أو نحوه ، لتكون معجزة من تسع معجزات أوتيها : الطوفان ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم ، ونقص الأموال ، ونقص الثمرات ، فهذه مع العصا واليد مكملات للتسع لتكون برهان صدق موسى في أنه رسول الله إلى فرعون وقومه ، إنهم جمع خارج عن سنن الحق والهدى ، فلما ظهرت لهم حجج الله على يد موسى بينة واضحة يبصرها كل ذي عينين قالوا : إن الذي نراه سحر واضح ، وتخييل ليست له من حقيقة ، وأظهروا تكذيبهم بها مع علمهم اليقيني أنها حق من عند الله ، فكان المراء والجحود ظلما للبرهان ، واستكبارا عن الإيمان ، فحل بهم عاجل الخسران ، وكذلك ننزله بأهل البهتان والفساد والطغيان ، في كل زمان ومكان ، ويوم القيامة يردون إلى أقبح العذاب وأشد الهوان . [ انظر ذلك بعين قلبك وتدبر فيه ، الخطاب له والمراد غيره ]{[2834]} .


[2834]:مما كتب القرطبي.