في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{بَلۡ يُرِيدُ ٱلۡإِنسَٰنُ لِيَفۡجُرَ أَمَامَهُۥ} (5)

ويكتفي هنا بهذا التقرير المؤكد ، وسيجيء في نهاية السورة دليل آخر من واقع النشأة الأولى . إنما يخلص هنا إلى الكشف عن العلة النفسية في هذا الحسبان ، وتوقع عدم جمع العظام . . إن هذا الإنسان يريد أن يفجر ، ويمضي قدما في الفجور ، ولا يريد أن يصده شيء عن فجوره ، ولا أن يكون هناك حساب عليه وعقاب . ومن ثم فهو يستبعد وقوع البعث ، ويستبعد مجيء يوم القيامة :

( بل يريد الإنسان ليفجر أمامه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{بَلۡ يُرِيدُ ٱلۡإِنسَٰنُ لِيَفۡجُرَ أَمَامَهُۥ} (5)

وقوله تعالى : { بل يريد الإنسان ليفجر أمامه } قال بعض المتأولين : الضمير في { أمامه } عائد على { الإنسان } ، ومعنى الآية أن الإنسان إنما يريد شهواته ومعاصيه ليمضي فيها أبداً قدماً راكب رأسه ومطيع أمله ومسوفاً بتوبته ، قاله مجاهد والحسن وعكرمة وابن جبير والضحاك والسدي . وقال السدي : المعنى ليظلم على قدر طاقته ، وقال الضحاك المعنى يركب رأسه في طلب الدنيا دائماً ، وقوله تعالى : { ليفجر أمامه } تقديره لكن يفجر ، وقال ابن عباس ما يقتضي أن الضمير في { أمامه } عائد على { يوم القيامة } ، والمعنى أن الإنسان هو في زمن وجوده أمام يوم القيامة وبين يديه ، ويوم القيامة خلفه فهو يريد شهواته ليفجر في تكذيبه بالبعث وغير ذلك بين يدي يوم القيامة ، وهو لا يعرف قدر الضرر الذي هو فيه ، ونظيره قوله تعالى : { ليفجر } قول قيس بن سعد ( أردت لكيما يعرف الناس أنها سراويل قيس والوفود شهود ){[11465]} .

و { بل } في أول الآية هي إضراب على معنى الترك لا على معنى إبطال الكلام الأول ، وقد تجيء بل لإبطال القول الذي قبلها .


[11465]:هذا البيت قاله قيس بن سعد بن عبادة الخزرجي الأنصاري، وهو صحابي جليل، وقد قاله مع بيت آخر أمام معاوية بن أبي سفيان نفقد طاول روميا أمام معاوية –أو غيره من الأمراء- فتجرد قيس من سراويله وألقاها إلى الرومي، ففضلت عنه، فقال بيتين يعتذر بهما عن فعلته ، وهما: أردت إليكما يعلم الناس أنها سراويل قيس والوفود شهود وألا يقولوا: غاب قيس وهذه سراويل عادي نمته ثمود والسراويل كلمة أعجمية عربت وأنثت، ومثل هذا في التعدية بإلى قول كثير: أريد لأنسي ذكرها فكأنها تمثل لي ليلى بكل سبيل
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{بَلۡ يُرِيدُ ٱلۡإِنسَٰنُ لِيَفۡجُرَ أَمَامَهُۥ} (5)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يعني تقديم المعصية وتأخير التوبة يوما بيوم، يقول: سأتوب، حتى يموت على شر عمله، وقد أهلك أمامه.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: ما يجهل ابن آدم أن ربه قادر على أن يجمع عظامه، ولكنه يريد أن يمضي أمامه قُدُما في معاصي الله، لا يثنيه عنها شيء، ولا يتوب منها أبدا، ويسوّف التوبة.

وقال آخرون: بل معنى ذلك أنه يركب رأسه في طلب الدنيا دائبا ولا يذكر الموت.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: بل يريد الإنسان الكافر ليكذب بيوم القيامة.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: بل يريد الإنسان ليكفر بالحقّ بين يدي القيامة.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{بَلْ يُرِيدُ} عطف على {أَيَحْسَبُ} فيجوز أن يكون مثله استفهاماً، وأن يكون إيجاباً على أن يضرب عن مستفهم عنه إلى آخر. أو يضرب عن مستفهم عنه إلى موجب {لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} ليدوم على فجوره فيما بين يديه من الأوقات وفيما يستقبله من الزمان لا ينزع عنه.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

والمعنى أن الإنسان هو في زمن وجوده أمام يوم القيامة وبين يديه، ويوم القيامة خلفه فهو يريد شهواته ليفجر في تكذيبه بالبعث وغير ذلك بين يدي يوم القيامة، وهو لا يعرف قدر الضرر الذي هو فيه.

روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :

"أيحسب" جيء للإضراب عن إنكار الحسبان إلى الإخبار عن حال الإنسان الحاسب بما هو أدخل في اللوم والتوبيخ من الأول، كأنه قيل: دع تعنيفه، فإنه أشط من ذلك، وأنى يرتدع وهو يريد ليدوم على فجوره فيما بين يديه من الأوقات وفيما يستقبله من الزمان لا ينزع عنه.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

إن هذا الإنسان يريد أن يفجر، ويمضي قدما في الفجور، ولا يريد أن يصده شيء عن فجوره، ولا أن يكون هناك حساب عليه وعقاب، ومن ثم فهو يستبعد وقوع البعث، ويستبعد مجيء يوم القيامة: (بل يريد الإنسان ليفجر أمامه).