الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{بَلۡ يُرِيدُ ٱلۡإِنسَٰنُ لِيَفۡجُرَ أَمَامَهُۥ} (5)

قوله : { بَلْ يُرِيدُ } : فيه وجهان ، أحدُهما : أَنْ تكونَ " بلى " لمجردِ الإضرابِ الانتقالي مِنْ غيرِ عطفٍ ، أَضْرَبَ عن الكلامِ الأولِ وأخذ في آخرَ . والثاني : أنها عاطفةٌ . قال الزمخشريُّ : " بل يريد " عطفٌ على " أَيَحْسَبُ " فيجوز أَنْ يكونَ مثلَه استفهاماً ، وأن يكونَ إيجاباً على أَنْ يَضْرِبَ عن مُسْتَفْهَمٍ عنه إلى آخرَ ، أو يَضْرِبَ عن مستفهمٍ عنه إلى مُوْجَبٍ " . قال الشيخ بعد ما حَكَى عن الزمخشري : " وهذه التقاديرُ الثلاثةُ متكلفةٌ لا تظهر " . قلت : وليس هنا إلا تقديران .

ومفعولُ " يريد " محذوفٌ يَدُلُّ عليه التعليلُ في قوله : " ليَفْجُرَ أمامَه " والتقدير : يريد شَهَواتِه ومعاصِيَه ليمضيَ فيها أبداً دائماً و " أمامَه " منصوبٌ على الظرفِ ، وأصلُه مكانٌ فاسْتُعير هذا للزمان . والضميرُ في " أمامَه " الظاهر عَوْدُه على الإِنسان . وقال ابن عباس : " يعودُ على يوم القيامة بمعنى : أنه يريد شهواتِه ليَفْجُرَ في تكذيبِه بالبعث بين يَدَيْ يومِ القيامة " .