قوله تعالى : { بَلْ يُرِيدُ الإنسان لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ } . فيه وجهان :
أحدهما : أن تكون «بل » لمجرد الإضراب والانتقال من غير عطف ، أضرب عن الكلام الأول وأخذ في آخر .
الثاني : أنها عاطفة . قال الزمخشري : «بل يريد » عطف على «أيحسب » ، فيجوز أن يكون مثله استفهاماً ، وأن يكون إيجاباً على أن يضرب عن مستفهم عنه إلى آخر ، أو يضرب عن مستفهم عنه إلى موجب .
قال أبو حيان بعد ما حكى عن الزمخشري ما تقدَّم : «وهذه التقادير الثلاثة متكلَّفة لا تظهر » .
وقال شهاب الدين{[58640]} : «وليس هنا إلا تقديران ، ومفعول " يُرِيد " محذوف يدل عليه التعليل في قوله تعالى : { لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ } والتقدير : يريد شهواته ومعاصيه فيمضي فيها دائماً أبداً و " أمامه " منصوب على الظَّرفِ ، وأصله مكانٌ فاستعير هنا للزمان » .
والضمير في «أمَامَه » الظاهرُ عوده على الإنسان .
وقال ابن عباس : يعود على يوم القيامة بمعنى أنه يريد شهواته ليفجر في تكذيبه بالبعث بين يدي يوم القيامة{[58641]} .
قال مجاهد والحسن وعكرمة والسدي وسعيد بن جبير رضي الله عنهم : يقول : سوف أتوب حتى يأتيه الموت على أسوأ أحواله{[58642]} .
وعن ابن عباس : { بَلْ يُرِيدُ الإنسان لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ } ، قال : يعجل المعصية ويسوفُ بالتوبة{[58643]} وجاء في الحديث : «قال يقولُ : سوف أتُوبُ ، ولا يتوبُ ، فهُو قَدْ أخْلفَ فكذبَ » .
وقال عبد الرحمن بن زيد : { بَلْ يُرِيدُ الإنسان لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ } من البعث والحساب ودليله : يسأل أيان يوم القيامة أي يسأل متى يكون ؟ على وجه الإنكار والتكذيب{[58644]} .
وقال الضحاك : هو الأمل ، يقول : سوف أعيش وأصيب من الدنيا ، ولا يذكر الموت{[58645]} .
وقيل : يعزم على المعصية أبداً وإن كان لا يعيش إلا مدة قليلة ، فالهاء على هذه الأقوال الثلاثة للإنسان .
وإذا قلنا : بأن الهاء ليوم القيامة ، فالمعنى : بل يريد الإنسان ليكفر بالحق بين يدي القيامة . والفجورُ : أصله الميل عن الحق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.