الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{بَلۡ يُرِيدُ ٱلۡإِنسَٰنُ لِيَفۡجُرَ أَمَامَهُۥ} (5)

{ بَلْ يُرِيدُ الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ } يقول تعالى ذكره : ما يجهل ابن آدم أن ربّه قادر على جمع عظامه بعد الموت ، ولكنّه يريد أن يفجر أمامه ، أي يمضي قدماً في معاصي الله راكباً رأسه لا ينزع عنها ولا يتوب ، هذا قول مجاهد والحسن وعكرمه والسدي ، وقال سعيد بن جبير : يقدم الذنب ويؤخر التوبة ، يقول : سوف أتوب حتى يأتيه الموت على شر أحواله وأسوأ أعماله ، وقال الضحاك : هو الأمل يأمل الإنسان يقول : أعيش وأصيب من الدنيا كذا وكذا ولا يذكر الموت ، وقال ابن عباس وابن زيد : يكذّب بما أمامه من البعث والحساب ، وقال ابن كيسان : يريد أن تأتيه الآخرة التي هي أمامه فيراها في دار الدنيا .

وأصل الفجور : الميل ، ومنه قيل للكافر والفاسق والكافر : فاجر ، لميلهم عن الحق ، وقال السدي أيضاً : يعني ليظلم على قدر طاقته ، وقيل : يركب رأسه في هواه ويهتم حيث قادته نفسه .